أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب…”الرئيس والإعلام .. عتاب أم اتهام..؟!”

في كل مناسبة يتحدث فيها الرئيس عن قضية ما أو أزمة ما.. يكون الإعلام طرفا فيها أو حاضرا فيها يوجه الرئيس كلمات لا ترقي إلي مستوي الغضب، ولا إلي مستوي التوجيه لمسار معين.. لكنها كلمات لا تتجاوز حالة العتاب بين رئيس دولة جاء بعد ثورة شعبية كاسحة باستدعاء من أصحابها, وبين إعلام كان رأس الحربة في الحشد والمؤازرة لتستمر الثورة في حالة زخم قبل موعدها بأشهر.
الرئيس يعاتب الإعلام خصوصا الإعلام الخاص لتأثيره الواضح في الشعب ويؤكد أنه شريك في المسئولية الوطنية وفي العمل علي قيام الدولة من عثرتها ، وشد أزرها وهي تواجه محاولات إسقاطها ، وفي كل عتاب يطالبه بالوفاء بالوعد مع التأكيد علي حريته في طرح كل وجهات النظر والآراء المختلفة ، والطلب البسيط هو التيقن مما ينشر فقط ومراعاة ذلك عند الحديث في القضايا المهمة التي تتعلق بالأمن القومي للبلاد .. والحد من انتشار الشائعات وترويجها ، وعدم تضخيم قضايا لا تستحق التضخيم ، والتعتيم علي قضايا تستحق إلقاء الضوء عليها بكثافة حتى تستقر في الوعي الجمعي للشعب .
أفهم أن ينظر الإعلام لرسالة الرئيس بهذا المعني وهذا الوعي ، وأن يأخذ رسالته التي لا تتعارض مع حرية التعبير وحرية الرأي مأخذ الجد وعين الاعتبار .. لكن للأسف تتحول الرسالة إلي شيء آخر تماما وتدور ماكينة الكلام والهري ( الرئيس لا يترك مناسبة إلا وينتقد الإعلام .. الرئيس لديه موقف من الإعلام .. الرئيس يطلب إعلام الحشد ذو اللون الواحد.. الرئيس يذكرنا بإعلام عبد الناصر .. الرئيس يريد خنق الإعلام وتكميم الأفواه .. الرئيس يضيق صدره بالنقد .. الرئيس يحاصر حرية التعبير ويفقدنا أهم مكاسب الثورة .. وغير ذلك من التعبيرات ( المعولبة ) والألفاظ التي فقدت معناها من كثرة ترديدها علي غير الحقيقة !
تخرج علينا برامج التوك شو ليلا تلوك الكلام كما تلوك ( اللبان العلقم ) ، ينشط مقدموها في اللت والعجن .. والعجينة مطيعة لا تقاوم فعل الصناع المهرة .. فيلبسون الرسالة مائة ثوب وثوب ، وينبري كل مقدم برامج منهم شاهرا سيفه الخشبي مدافعا عن حرية التعبير وحق المواطن الغلبان في حصة من التهييج والبلبلة والإثارة أقصد من المعلومات المضروبة التي تحمل وجهة نظر قائلها فقط بدون معلومات أو توثيق ، ويستمر النواح والبكاء علي الحرية والتعبير .. ونكسة التراجع والعودة للوراء !
قضية حق أرادوا بها باطل.. بل كل الباطل والتضليل .. يقولون ذلك ، ولا يجرؤ واحد منهم أن يعلن أن الرئيس أو رئيس الحكومة أو أحد الوزراء فيها أو أي مسئول كبر أو صغر طلب من أحدهم أن يقول كذا ولا يقول كذا ، أو وجه أحدهم إلي قضية ما للتركيز عليها ، أو طلب من أحدهم استضافة فلان أو علان ، أو منع فلان من الظهور علي شاشته .
إذا كان عند أحد منهم ما يؤكد ذلك فليقل لنا من فعل ذلك ومتى حدث ؟ وإذا كان أحد منهم يمتلك الشجاعة فليخبرنا عن شكل التضييق عليه وتكميم فمه الذي يفتحه بالساعات أمام المشاهدين في وصلة كلام غالبا ما يكون مجرد كلام ! .. من يمتلك شجاعة الشكوى الباطلة من كبت الحرية .. عليه أن يمتلك الشجاعة ويقول للرأي العام من يكبت حريته ! 
عتاب الرئيس للإعلام رسالة واضحة أن يتحول الإعلام إلي ميزة إيجابية في التقويم والإصلاح والنقد البناء وليس التلبيس والتدبيس والادعاء .. الإعلام صار قوة لا يستهان بها في حياة الناس ، وصار قاطرة التنمية التي تعتمد علي المواطن المثقف والواعي بحقوقه وواجباته ، والذي يمكن أن يتحول إلي معاول هدم في أيدي من يريدون الهدم ويسعون إليه بكل قوة واندفاع . 
وأظن – وليس كل الظن إثم – أن الكثيرين منهم يستخدمونه معاول هدم إلا ما رحم ربي لعلمهم أنه أهم أدوات حروب الجيل الرابع لإسقاط الدول بأيادي شعوبها .. الرئيس يعاتب والإعلام يحول العتاب إلي اتهام.. الرسالة لم تصل بعد ، وأرجو أن تصل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *