جريدة أحوال مصر
نعمد في هذا المقال الى بعض الشرح والتحليل لنظام تقييم الاداء من خلال (التغذية العكسية الواردة من 360 درجة) الذي تضمنه القانون واعتمده كنظام شامل لتقييم اداء العاملين في الجهاز الاداري للدولة…
الثلاثمائة وستون درجة هي مجموع الزوايا الاربع القائمة للمربع، والتي هي تسعون درجة في كل زاوية لنخلص الى الثلاثمائة وستون درجة.. ويمكننا تخيل نظام التغذية العكسية المتكامل كمرايا تكشف كل المعلومات من كل الزوايا، وهو ما يعني امكانية معرفة كل المعلومات عن الاداء. وهي المعرفة التي تعمل على رفع الروح المعنوية وتزيد من درجة الحرفية في اداء المهام، وتقود في النهاية الى العمل بروح الفريق. يمثل هذا النظام تحولا جذريا لقياس الاداء وتطويره، لكلا من الفرد والمنظمة.
لك ايها الموظف المحترم ان تتمثل نفسك في دائرة وسط هذا المربع الذي يقبع في جنباته الاربعة: الرئيس، الزميل، المرؤوس وايضا العميل، ويقوم كل فرد منهم بحسب موقعه وصفته بتقييم أدائك.. ولتعلم ان كلا من هؤلاء الاربعة بالاضافة اليك، يتبادلون المواقع والادوارطوال الوقت.. فانت موظف تحت التقييم مرة، وانت رئيس مرة، ومرؤوس وزميل مرات اخرى.. وانت ايضا عميل لاجهزة اخرى تقدم لك خدمات او سلع.. وبمفهوم ادارة الموارد البشرية الحديثة انت عميل داخلي لمؤسستك عليك تقييم ما تقدمه لك من بيئة عمل ايجابية ومن حوافز شخصية وخلافه.. فلا تبتئس، عليك الآن ان تستعد للقيام بمهام التقييم تلك وتتعرف على منهجيتها البسيطة.
ان ما دعا مؤسسات الاعمال العالمية منذ عقود، هو ما يدعونا اليوم الى تبني هذه النظام.. حيث :
تحول الشركات من التنظيم الهرمي الى التنظيم الافقي : اتصالات مفتوحة في اتجاهين بدلا من اتجاه واحد.
اتساع دائرة الادارة: مدير القسم كان يشرف على 3-8 موظفين. الآن يشرف على 50 موظفا او اكثر.
القفزة التقنية : كثيرا ما يفتقر المدير للمعرفة الفنية والتقنية اللازمة للتقييم.
الحاجة لاستطلاع آراء العملاء : لقياس استجاباتهم واستطلاعات للمنتجات الجديدة.
اعتبارات العدالة والمشاركة في الادارة : بمنح الموظفين حق المشاركة في مكافأة الاداء الفعال اعمالا لاعتبارات العدالة وبعيدا عن المحسوبية
لكل قطب من الاقطاب الاربعة دور مختلف في تقييم اداء الموظف، ذلك بحكم منصبه وموقعه من التقييم في حالة “س” من الموظفين، اكان رئيسا ام عميلا ام زميلا ..
– رئيسك يقيم عملك من زاوية النتائج والانتاجية اكثر من اي شيء آخر.. قد يجهل حجم الجهد المبذول او اسلوبك في الابتكار.
– يعلم زملاؤك عن مهاراتك وقدراتك اكثر مما يعلم المدير.. لكنهم يمكن ان يقيموك من خلال وجهات نظرهم الشخصية. ( وهو شيء مهم لتأصيل التعاون وعلاقات التواصل وروح الفريق بين المجموع).
– اما مرؤوسوك؛ فعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، فنهم الاقدر على امداد القادة بمعلومات هامة عما يجرى من احداث وتفصيلات.. ربما تكون زاوية حكمهم الظلم / العدل.
– العملاء في نظام ال 360 درجة هم اهم مصدر للمعلومات عن درجة الجودة ومؤشرات تقدم المؤسسة او تأخرها. يصفون لك بدقة وضعها التنافسي..
– وانت ايضا ايها الموظف وانت في المنتصف، عليك بتقييم ادائك الشخصي.. اعتقد ان الكثيريين يعرفون ما اذا كانوا مقصرين او يقومون بواجبهم – قدر علمهم واستطاعتهم.. يعرفون ما اذا كانوا يخلون بالقوانين ويضربون بالانضباط او الجودة او حسن التعامل مع الآخرين عرض الحائط، ام يحافظون عليها قدر علمهم واستطاعتهم ايضا.. ستساعدك الدلائل الارشادية والتدريب، ومعايير الاداء وضوابطه الى ان تقوم بذلك على وجه افضل كثيرا مما تعتعقد انك تمكنه..
يؤدي نظام التغذية العكسية الواردة من 360 درجة وظيفتين هامتين؛ اولاهما تقييم الاداء الفعلي للافراد وللمنظمة ككل، وثانيهما تطوير هذا الاداء- للفرد وللمنظمة- بالنظر الى ما جاء به التقييم من سلبيات اوقصور او ايجابيات ايضا..
يستطيع الرؤساء ان يقوموا بتقييم المهارات الادارية والتنظيمية، مهارات اتخاذ القرار والمهارات الفنية الخاصة بالعمل.. بينما يقيم الزملاء مهاراتك في الاتصال والتعاون مع الآخرين، ومهارات اتخاذ القرار والتحفيز الذاتي لديك وايضا مهاراتك الفنية في اداء العمل، حيث هم زملاؤك في نفس العمل تقريبا.. العملاء ايضا يقيمون مهاراتك في الاتصال والتعامل مع العملاء، كما يستطيعون تقييمك في المهارات الفنية الخاصة بالمنتج او السلعة التي تقدمها لهم.. وهكذا نعى ان ابعادا مختلفة للاداء يمكن ان نحصل عليها من المصادر المختلفة للتقييم ( والتي هي الاقطاب الاربعة)..
وهنا نصل الى النقطة التالية : ما هي ابعاد الاداء ومؤشراته التي نحب ان يتمتع بها موظف الخدمة المدنية الجديد ( او في حقبته الجديدة) ؟؟؟.. ما هو ” السلوك الوظيفي” الذي سوف تتضمنه ” مدونة السلوك الوظيفي” التي يتحدث عنها القانون؟؟ وهل هي مجرد مدونة نظرية براقة تحتوي بعضا من الصفات والاخلاق الحميدة؟؟؟ ام انها ستصبح منهاج عمل ومؤشرات حقيقية لتقييم الاداء.
