أخبار عاجلة

الخديوى أسماعيل “المفترى عليه” وقناة السويس الجديده

لقد أعادت الأستعدادات الجاريه للآفتتاح قناة السويس الجديده لذاكرتنا المرحوم الخديوى أسماعيل تلك الشــخصية الفــذة  التى سعت جاهدهً لوضع مصــر على الخريطة العالمية  كأحد الدول الكبرى فقام بالأصلاحات النيابية والقضائية والأدارية والعمرانية والتعليمية والثقافية. واهتم بكافة عناصر قوة مصر، وفكر بأسلوب أستراتيجى سابق لعصره وأنجز الكثير فى ظل تحديات كبيرة مرت بها البلاد . فأعاد أنشاء الأسطول الحربى  والأسطول التجارى وحدث الجيش وأهتم بالصناعة والزراعة.
لقد جعل المرحوم الخديوى أسماعيل من تفعيل الموقع الأستراتيجى لمصر شاغله الرئيسى    فاستكمل أنشاء قناة السويس وجعلها مشروعاً قومياً لمصر، ســخر له الفكــر والأمكانيات. كما أمن المسرح الأستراتيجى  بأحكـــام سـيطرة مـصر على سواحل البحر الأحمر بالكامـل وتأمين جزره ومداخله ، وأنشاء العديد   من الفنارات والعلامات الملاحيه خاصةً  على  جزره لتأمين الملاحه البحرية به . 
بالأضافة للترويج الأعلامى للمشروع بأنشاء القاهرة الخديوية والميادين والقصوروالكبارى ودارالأوبراالمصرية والأنشاءات المختلفه التى كانت تحاكى أفضل ما فى الدول الأوربية . كما أنشاء وطورالموانى والمراسى وترسانات بناء وأصلاح السفن وأيضاً محافظات القـناه. ولاننسى البرق (التلغراف) والبريد وتطويرالسكة الحديد وأضاءة الشوارع ومد أنابيب المياه وزيادة الرقعة الزراعية وشق الترع وأنشاء العديد من المصانع . بالأضافة إلى وضع أول قانون أساسى للتعليم وزيــادة ميزانيته ووقف الأراضى عليه وتكليف الحكومه بتحمل نفقات المتميزين ، وأنشأ أول مدرسة لتعليم الفتيات(السنيه) ودار العلوم لتخريج المعلمين. وظهرت فى عهده الصحف (الأهرام-الوطن ومجلة روضه) وأنشأ دار الكتب ودار الآثار والجمعيه الجغرافيه وغـــير ذلك من الأنجــازات العديده. 
   
-2-
  الم تكن شخصية الخديوى أسماعيل وأنجازاته أفضل مما أبرزته الوسائل الثقافيه المصريه ؟
 ألم يكن لديه رجال ومعاونيين أكفاء مخلصين شاركوا فى صنع التقدم والتحضر الذى شهدته         مصر فى عصره ؟  الم يكونوا مثلاً يحتذى به أفضل ممن تضمنهم الأفلام والمسلسلات والكتب .      
  إن ما يفيدنا من عصر الخديوى أسماعيل هو الفكر الأستراتيجى والمثل والقدوة وتحقيق الأنجازات، خاصة وأن مصرفى مرحله حرجة وتسعى لأستعادة مكانتها والأنطلاق نحو المستقبل ، وفى حاجــة ماســة لتفعــيل قوتـها الناعـمة لتنمية الولاء والأنتماء وتعظيم الجانب المضىء فى تاريخها الحديث.
  فمصرنا مازلت بخير رغم ما ألم بها وما تمـر بـه الان ، وتستحق منا جميـعاً أن نـبرز الجوانب المضيئة فى ماضيها وحاضرها . الأمرالذى لم نستشعره مؤخراً فى المسلسلات الرمضانية وبمعظم الوسائل الثقافيه ، والتى كـــان يجـب أن تـوجه لخدمــة أهدفنا القومية وللتغلب على مشاكل الحاضر، وأستعادة القيم ودعم الأنطلاق نحوالمستقبل.  
    لذا فأننى أدعو القياده السياسيه وأساتذة التاريخ الحديث والجمعيه المصرية للدراسـات التاريخية والمجلــس الأعلى للثقاقة وكتابنا الوطنيون الأفاضل والقائمين على الأعلام وباقى الجهات المعنية لأعادة النظر فى تاريخنا الحديث وتقديم المواد التى تخدم المرحلة الحاليه والمقبلة، خاصةً وأن الدولة تنفق من أموالنا على هذه الوسائل الثقافيه، والتى لايجب ان يكون الهدف الرئيسى منها هو الربح  فقط ، والذى يمكن تحقيقة بجانب الأهداف التى تخدم أهدافنا القومية.  
   أما يميز الخديوى أسماعيل هنا هوالرؤية والقدرة على أختيار معاونيه وتكليفهم طبقاً لأمكانياتهم الفعليه وهو الدرس المستفاد الذى يجب أن نعيه جيداً. 
وأجتهدت لأجد شخصيه من رجال الخديوى أسماعيل ،( والتى قد تكون هناك غيرها المئات مـن الشخصيات الأفضل والأميز) ، ولكـــن تناولها بلا شك أفضل لمصر والمصريين من تناول قصص
-3-
الأغوات والوصيفات والخدم وأحاديث البدرومات والقصور، لأن ما يميز هذه الشخصية هوالأخلاص حيث خدمت  مصر بأخلاص وتقان، وأفرزت نتائج إيجابية  فى العديد من المجالات .  
    فلقد أستدعى الخديوى أسماعيل  ضابط بحرى من المعاش ســـبق  له  أن قاد العديد من السفن الحربية وشارك فى حروب محمدعلى ليرقيه ويعينه وكيلاً لنظارة البحريه ( تعادل رئيـس أركــان القوات البحرية حالياً ) ليشارك فى أعادة أنشاء الأسطول الحربى والتجارى ثم كلفه بتـولى عدة مناصب مدنية رفيعة ( ناطراً لمصلحة الوابورات والسفن الخديوية، ومفتشاً لـبـــواخـر الشـركة  العزيزية ثم وكيلاً لها ثم مأموراً لشركات أرمنت والمطاعنة ومصانع مطاى وأبوقرقاص ) إلى أن عينه مديراً لإسنا ثم محافــظاً لدمياط ثم مفتشــاً لـــوزارة الماليه ثم نصبه  محافظــاً لســواكن  ومـديراً للتاكة أقليم كسلا ( شمال السودان ).
     وفى سنة  1877 أعـــاده للخـدمــة العسـكرية ومنحه رتبة (أمير البحر)  لواء ليتقلد منصباً بحرياً رفيعاً وهو ناظراً لترسانة بناء السفن بالخرطوم. وفى نهاية عهد الخديوى أسماعيل سنه 1879 تقاعد أمير البحر/ مصطفى الطوسيلى باشا (الطوسيه لى) وأعتزل الوظائف الرسمية بعد أن خدم بلاده فى المجال العسكرى والتجارى البحرى والقيادى والأدارى الحكومى. 
   ورغم أن أصول هذه الشخصية غير مصرية فقد أخلصت لمصر كما لم تنســاها مصـــر، فـقد وضعتها كصفحه مضيئة فى كتاب التاريخ وأطلق أسمه على شارع بالقرب من قصر رأس التين بالأسكندرية كذا على عزبته بمحافظه البحيرة، ومازال أحفاد أحفاده يخدمون مصر بكـل أخــلاص
فى كافـــة المجالات ، فالمصـرية بالمـولد لاتكفى والولاء والأنتماء يجب أن يقيـم بقـدر العطاء. فكـم مـــن مصريون بالمولد أضروا… واخرين مازالوا يضروا ببلادهم . 
    وكـم كان الخديوى أسماعيل  بارعاً فى تقييم الرجال وأختيار معاونيه ! ورغم أنجازاته الكبيره  مــازال يقدم بصوره لاتليق بها. 
-4-
        لذا يجب علينا أعادة قراءة تاريخنا بحياديه وتأصيل المفاهيم الفكرية والعمــل على أســـتعادة الأخلاقيات والقيم ووضع المعايير اللازمه للأنسان المصرى، التى تمكنه من الأنطلاق بثبات ويقين نحو المستقبل من خلال أستراتيجيات ثقافية واعلامية وأجتماعية جديدة تراعى إيجابيـات الماضى وتتماشى مع الحاضر وتحقق تطلعات المستقبل.
      رحم الله الخديوى أسماعيل ( المفترى عليه ) وغفر لنا تقصيرنا فى حقه فلقد ذهب إلى دار الحق وترك لنا أنجازاته لننعم بها حتى الآن ولا نوافيه قدره.
     لم يحن الوقت لنعيد للخديوى أسماعيل أعتباره ؟ ونرسخ الأخلاقيات والقيم ونرد الفضل لأهله
    فكم يسعدنى  ويسعد العديد من المصريين دعوة حفيد الخديوى أسماعيل للمشاركه فى  حفل     أفتتاح قناه السويس الجديده فلولا أجداده ما كانت هناك قناه للسويس.
حفظ الله مصر وبارك فى رجالها المخلصين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
أنتهى المقال
ملحق لتوثيق معلومات المقال
) الطوسيه لى أمير البحر/ مصطفى باشا الطوسيلى (
أحد أعلام البحرية المصرية فى القرن التاسع عشر 
وأحد رجال الخديوى أسماعيل ومحل ثقته 
 نشأ فى طوسيه بولاية قسطمونى بالأناضول، وأنتقل إلى مصرفى عهد محمدعلى باشا وهو فى الخامسة من عمره حيث ألتحق بمدارسها ولما أتم علومه الأولية انتظم فى المدرسة البحرية بالسفينه (عكا) وعلى أثر تخرجه عمل ضابطاً على سفن الأسطول المصرى  فى عهد محمدعلى باشا وشارك فى الأحداث البحرية خلال تلك الفترة.
وفى عهد عباس حلمى الأول وإمارة محمد سعيد باشا للأسطول المصرى أنعم على مصطفى الطوسيلى برتبة اليوزباشى وعين ياوراً  له – كلف بعد ذلك للسفر  بالسفينة (الشرقية) إلى بريطانيا لتركيب الآتها البخارية .
 عين بعد ذلك قبطاناً لإحدى السفن أثناء ولاية عباس حلمى الأول .ثم رقى إلى رتبة الصاغ سنة 1853 وعين معاوناً أول بنظارة البحرية وأنعم عليه فى عهد محمد سعيد باشا برتبة البكباشى ثم نقل إلى وظيفه مدنية وأحيل إلى المعاش سنه 1860
 ولكنه أعيد للخدمة سنة1863 مع بدء عهد أسماعيل باشا  وعين مدير لقلم قضايا ترسانة بناء السفن ببولاق ولم يكتمل العام حتى رقى إلى رتبة القائمقام وعين  وكيلاً لنظارة البحرية ( تعادل رئيس أركان البحرية ثم خلفه فى المنصب مصطفى العرب باشا بعد  ترقيته لرتبة أمير البحر ” اللواء ” ) ليعمل تحت قيادة عبد اللطيف باشا والذى تعتبر فترة توليه لنظارة البحرية عصراً ذهبياً   للبحرية حيث بدأ تكوين الأسطول الحربى والتجارى والأهتمام بالترسانه البحرية وبناء مقر ديوان نظارة البحرية والذى تستخدمه حتى اليوم الهيئة المصرية لسلامة الملاحة بباب (1) جمارك بالأسكندرية.
وفى سنة 1864 منح رتبة الأميرالاى وعين ناطراً لمصلحة الوابورات والسفن الخديوية، وفى السنة التاليه تولى عدة مناصب مدنية كبيرة حيث عين مفتشاً لبواخر الشركة العزيزية ثم وكيلاً لها ثم مأموراً لشركات أرمنت والمطاعنة ومصانع مطاى وأبوقرقاص.
وفى سنة 1872 عين مديراً لإسنا ثم محافظاً لدمياط ثم مفتشاً لوزارة الماليه ومأموراً لعمارات الروضة .
فى سنة  1875 تولى منصباً مدنياً رفيعاً حيث نصب  محافظاً لسواكن ومديراً للتاكة أقليم كسلا (شمال السودان ).
فى سنة  1877 رقى لرتبة (أمير البحر) اللواء ليتقلد منصباً بحرياً رفيعاً وهو ناظراً لترسانة بناء السفن بالخرطوم  .
وقد كان أمير البحر/ مصطفى باشا الطوسيلى  أحد رجال الخديوى أسماعيل ومحلاً لثقة وتقديره 
وخدم بلاده فى المجال العسكرى والمجال التجارى البحرى كـــــذا فى  المجال القيادى الأدارى والحكومى إلى أن تقاعد سنة 1879 فى نهاية عهد الخديوى أسماعيل 
—————
المصادر:   (كتاب عبد الرحمن زكى ” أعلام الجيش والبحرية فى مصر ج 1 ص 124  )
(كتاب جميل خانكى “تاريخ البحرية المصرية” أصدار وزارة الدفاع الوطنى – السلاح البحرى الملكى 
مطبعة دار الكتب المصرية 1948 ص  385  )  
كتاب البحرية المصرية من محمد على حتى السادات ” عبده مباشر”     
(كتاب تاريخ البحرية المصريه فى مائة عام 1863-1963   ص 666 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *