د.سيد نافع يكتب… ” الفريضة الغائبة..”

ما هو غائب في فكرنا عن الجهاد هو جهاد النفس وهو أعظم أنواع الجهاد في سبيل الله لأنه أمر دائم والعدو خفي والعدو في هذا الميدان هو ذات النفس وما تميل اليه من الهوي وكذلك الشيطان بمداخلة العجيبة فيمكن أن يدخل علي الإنسان من باب الطاعة إن فشل في طرق الغواية ، فجهاد النفس وهو الجهاد الأكبر وميدانه النفس البشرية وهدفه تزكيتها وكفها عن الشهوات والملذات الحرام ، وتزكية النفس هو بضبط الشهوات والملذات بميزان الشرع وما شرعت التكاليف كالحج والصوم والصلاة إلا لتزكية النفس ومساعدة الإنسان في جهاده علي نفسه فرسول الله صلي الله عليه وسلم قال لأحد الناس أعني علي نفسك أضمن لك الجنة و جهاد النفس هو ميدان حقيقي لكن خفي يدور في الخفاء وهو حربك علي هوي نفسك وشيطانك فأعدي أعدائك هي نفسك التي بين جنبيك ولكونها معركة خفية وصعبة كانت هي اعظم أنواع الجهاد ، ، واخيرا لن ينصلح حال أي أمة إلا بصلاح أفرادها ولم تأتي الرسالات إلا لصلاح الأمم والأفراد
وعن رسول الله صلي الله عليه وسلم ” (رجعنا من الجهاد الأصغر ، إلي الجهاد الأكبر) رواه البيهقي : (قالوا : وما الجهاد الأكبر؟ قال : جهاد القلب) ، ورواه الخطيب البغدادي بلفظ : (رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر ، قالوا : وما الجهاد الأكبر ؟ قال : مجاهدة العبد هواه) ، وقد روياه جميعا عن جابر ، كذا في كشف الخفاء،
عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ ، قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي افْتَرَضْتُ عَلَى نَفْسِيَ الْجِهَادَ ، وَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلِيلٌ لا قُوَّةَ لِي فِي نَفْسِي وَلا ذَاتِ يَدِي ، فَقَالَ : ” هَلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لا شَوْكَةَ فِيهِ : الْحَجِّ ” .
فليجاهد كل منا نفسه وليعلم أن فيها معركته الخاصة وجهاده الأكبر .
فجهاد النفس هي الفريضة الغائبة ولابد لها أن تعود لينصلح حال المجتمع بأسره ولغياب هذه الفريضة الغالية فسد المجتمع وغرقنا في شهواتنا المحرمة وصرنا إلي ما نحن فيه من ضنك وإحباط ومعاناة وإنفلات في الأسعار ونزعت البركة من حياتنا. . وأختلط علينا الأمر فأصبح المعروف منكراً والمنكر معروف . . .
ثم يأتي النوع الثاني من الجهاد وهو جهاد الأعداء دفاعاً عن الدين والوطن والنفس والذرية والعرض والمال ، وليس الجهاد في سبيل الشرغية جهاداً في سبيل الله فلا جهاد بلا ميدان والمقصود بالميدان وكونه يغير ميدان هو كونه بغير بنص شرعي وليس لخدمة الدين واعلاء كلمة الله ، فما حدث من الخوارج علي عهد الإمام علي وخروجهم عن صف المسلمين هو جهاد في ميدان فقد أرسل اليهم الإمام علي كرم الله وجهه عبد الله بن عباس ليحاججهم ويقيم عليهم البرهان علي خطأ موقفهم من عامة المسلمين وحاججهم واقام عليهم الحجة ورجع منهم عدد ليس بالقليل إلا أن الأغبياء ظلوا علي موقفهم وعدائهم لخليفة المسلمين وبالتالي كان لحربه عليهم منطق وبيان أما هم فكان جهادهم بلا ميدان وهو جهاد في سبيل الشيطان ، وعن حرمة دم المسلم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه وعنه صلي الله عليه وسلم إذا التقي المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ، كيف تكون السلطة والكرسي ( الشرعية ) دونها الرقاب أي نص في الكتاب والسنة يقول هذا ؟ يجب ألا يساء استخدام لفظ الجهاد حتي لايقتتل المسلمين مع بعضهم البعض ويعتبرونه جهاد .أما الدفاع عن الكرسي والشرعية فلا يجب أن يكون دونه الرقاب وإذا كان الدفاع عنها بالدم فما الدليل من كتاب وسنة والرسول يقول ( من طلب الإمارة فلا تؤمروه )

وفي عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والصحابه الكرام لم يبدأ بقتال أحد بل بالعكس ظل المسلمون مضطهدون طوال فترة وجودهم في مكة وشردوا من ديارهم واجبروا علي الهجرة وترك الأوطان فخرجوا الي الحبشة ثم الي المدينة وتركوا وراءهم اموالهم وممتلكاتهم ولما هاجروا الي المدينة حاولوا استرداد بعض الممتلكات التي صادرتها قريش فخرجوا في طلب القافلة المملوكة لقريش لكن أفلتت القافلة ولحكمة الله كانت موقعة بدر بين جيش قريش الذي خرج لنجدة القافلة والمسلمين والذين لم يتعدي عددهم 313 رجل مقابل حوالي الفاً من المشركين وكان النصر حليفهم وتوالت الوقائع ، كل حروب المسلمين مفروضة عليهم لحماية دولتهم الوليدة وتأمين حدودها وخاصة بعد أن تحالفت القوتين الأعظم في ذلك الوقت وهما الفرس والروم للقضاء علي الدولة الناشئة وبالتالي كان الجهاد هو جهاد دفع واستتبعه فتح لدول وممالك تابعة للقوتين وساعد ذلك في انتشار الدين خارج الجزيرة العربية هذا باختصار شديد ، فلم يكن المسلمين غزاة من اجل الغزو وانما كان دفاعا وساعد ذلك علي نشر الدين خارج حدود الجزيرة العربية واسمرت الحروب بين الدولة الإسلامية وبيت تلك القوي التي ارادت استئصال دولة الإسلام ، وجهاد الدفع قائما الي يوم القيامة أما جهاد الطلب وهو طلب نشر الدين لا يوجد له حاجة في زماننا الحاضر وخاصة سبل نشر الدين أصبحت متوفرة وميسورة وهي الدعوة الي الله علي بصيرة وتأليف الكتب والمجلدات ونشرها عبر كل وسائل الاتصالات والقوافل الدعوية ووسائل الاتصال الحديثة كالإعلام والنت ، المنهج العلمي العقلي الآن مطلوب لنشر الدين وليس ما يعتبرونه جهاد الطلب ، فالجهاد ليس بالسلاح إلا في الدفاع أما الجهاد لنشر الدين فبالعلم والسلوك والقدوة الحسنة وليس بالجبر والإرغام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *