أخبار عاجلة

المسؤولية المجتمعية في مواجهة الإرهاب!!

نظرة تامل :
دعونا نتفق على أن الإرهاب ظاهرة عالمية ولا توجد دولة في مأمن منه مهما أوتيت من قوة لذا مواجهته يتطلب تعاونا دوليا على الاقل لكشف أبعاد الظاهرة خاصة ان الكثيرين يتناولونها من جانبها الامني فقط على اعتبار انه الجانب الاكثر تاثيرا وان ملف الارهاب بشكل عام يعتبر ملفا امنيا بالدرجة الاولى ولكننا نرى ان هناك جوانب اخرى يجب التعاطي معها لفهم الظاهرة منها الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري او الايديولوجي واعتقد ان ظاهرة الارهاب يمكن فهمها من منظور يجمع كل هذه الجوانب مع الجانب الامني بالطبع .
يرى البعض ان المجتمعات المستقرة سياسيا هي الاقل تعرضا للارهاب من حيث الظاهر قد يكون هذا الرأي صحيحا ولكن بماذا نفسر تعرض دولة مثل الولايات المتحدة عام 2001 لاكبر اعتداء ارهابي في التاريخ ؟ الامر الذي يجعلنا نؤكد ان عامل الاستقرار الداخلي لايعني تجنب تبعات الارهاب حيث ان الواقعة تشير الى ان الارهاب قد استخدمته الولايات المتحدة لتحقيق اهداف سياستها الخارجية خاصة في منطقة الشرق الاوسط بخلق كيانات ارهابية معادية لخصوم امريكا في العالم ومنها تنظيم القاعدة الذي يعد صناعة امريكية منذ عام 1979 عندما قررت روسيا – الاتحاد السوفيتي في ذلك الحين غزو افغانستان لكن الارهاب انقلب على صانعه وهناك حالة مصرية شبيهة في السبيعنات واوائل الثمانينات من القرن الماضي عندما استخدم الرئيس انور السادات الاسلام السياسي لصالحه ثم انقلب عليه باغتياله في 6 اكتوبر 1981 وليس غريبا في العقود الثلاثة الاخيرة ان يرتبط الارهاب بالاسلام السياسي لان هذا رد فعل امريكي للنظام العالمي الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة او مايعرف بالقطبية الثنائية حيث ان طبيعة السياسة الامريكية على مستوى العلاقات الدولية انه لابد لها من وجود خصم وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن امام امريكا التي اصبحت القطب الواحد غير العالم الاسلامي واستغلت المغالاة حتى التطرف عند البعض في تشكيل مدخل لتكوين الخصم البديل وفجاة وجدنا أصابع الاتهام توجه الى المسلمين في العالم وجاء هذا التوجه متسقا مع تنامي ظاهرة العنف ما ادى الى نشوء ظاهرة الارهاب .
وربط البعض بين ظاهرة الارهاب والفقر وان غالبا ماتخرج الاعمال الارهابية من رحم التدني والعوز الاقتصادي ورغم وجاهة هذا الرأي الا ان الارهاب كان يطول دائما دولا غنية اكثر من الدول الفقيرة وبالتالي نفرق بين كون الفقر والجهل والمرض بيئة خصبة لتنامي الفكر الارهابي وبين ان العمليات الارهابية قد تكون موجهة لغير المناطق الفقيرة وهذه ايضا ليست قاعدة عامة يقاس عليها فالفراغ والبطالة من جهة وكثرة المال من جهة اخرى قد يؤدي الى العنف وبالتالي الارهاب ولهذا تأتي اهمية الجانب الاجتماعي في تناول الظاهرة حيث تعتبر المناطق المهمشة والنائية البيئة الاكثر مناسبة في خلق الفكر الارهابي حيث يصبح التطرف الفكري والتهميش الاجتماعي وجهان لعملة واحدة هي الارهاب وهنا يبرز الجانب الفكري المتعلق بالايدولوجيا فمن الطبيعي في ظل الفراغ الاجتماعي والاقتصادي ان تظهر افكار تملأ هذا الفراغ وغالبا ما تكون افكارا متطرفة و اذا اقترنت بالعنف تصبح مقدمة طبيعية للارهاب مما تقدم يصبح التعاطي مع ظاهرة الارهاب مسؤولية مجتمعية بالدرجة الاولى ويعتبر التعاطي الامني معها هو جانبها الاخير معنى ذلك ان الاسرة – الخلية الاولى في المجتمع – تؤدي الدور الاهم في تنامي الظاهرة أومنع انتشارها وعلى نفس المستوى تأتي ادوار المدرسة والمسجد والكنيسة والنادي ومنظمات المجتمع المدني ولا يجب أن نغفل دور الإعلام بكل وسائطه في تشجيع الإرهاب او التصدي له ويبقى في النهاية دور الحكومة التي تتحمل المسؤولية المباشرة لمواجهة الإرهاب الذي لادين له ولا وطن .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *