أخبار عاجلة
الدكتور أحمد عثمان - أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة

د.أحمد عثمان يكتب… “الجامعة السعيدة”

كلنا عاوزين سعادة ..
بس إيه هي السعادة ..
ولا إيه معنى السعادة ..
قوللي يا صاحب السعادة ..
قوللي .. قوللي ..
كانت تلك الكلمات هي التي بدأ بها الفنان المصري الراحل “إسماعيل يس” مونولوج صاحب السعادة، والذي حاول من خلاله عرض مفهوم السعادة ومناقشته، فلكل واحد منا مفهوم مختلف للسعادة، فما يسعدك قد لا يسعد غيرك، تلك السعادة التي احتفل بها العالم منذ عدة أيام في ٢٠ مارس فيما يعرف باليوم الدولي للسعادة، إذ حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ٢٠١٢ هذا اليوم بموجب قرارها ٢٨١/ ٦٦ بوصفه اليوم الدولي للسعادة اعترافا منها بأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين يتطلع إليهما البشر في كل أنحاء العالم.
وانطلاقا من الاحتفالات العالمية بهذا اليوم بدأت اليونسكو مشروع المدارس السعيدة ببانكوك في عام ٢٠١٤، بهدف تقديم نهج بديل لتحسين خبرات التعلم بتصدير السعادة المدرسية، وبالتركيز على الرفاه والمشاركة والشعور بالانتماء للمدرسة، بما يساعد في تعزيز حب التعلم مدى الحياة، ويسهم بفاعلية في تخريج نشأ سوي عقليا ومتزن فكريا يساعد في دعم عجلة التطور في كل قطاعات المجتمع.
وما ينسحب على المدارس ينسحب أيضا على الجامعات بل وتزداد أهميته في ظل ما تمثله الجامعات للطلاب كمرحلة انتقالية يقع على عاتقها الدور الأكبر في تأهيل الطالب للتعامل مع سوق العمل والانخراط في تجارب الحياة بعد التخرج، من خلال الإعداد النفسي والفكري والأكاديمي والمهني الذي يُمكّن الشباب من طلاب الجامعة، من خوض تجارب الحياة بشكل يكفل لهم إثبات ذواتهم وتحقيق أهدافهم بما يقودهم إلى حياة ناجحة وسعيدة.
ولا يتحقق ذلك إلا من خلال حياة جامعية سوية قائمة على الاحترام المتبادل بين الأساتذه وبعضهم، فلا يحقد أستاذ على الآخر، أو يذكره بسوء أمام زملائه وطلابه، أو يكيد له المكائد، وكذلك الاحترام المتبادل بين الطالب والأستاذ، وعندما يكون هذا الاحترام مبنياً على الحب والتقدير، فإنه يبقى أفضل بكثير من ذلك المبني على الخوف؛ الخوف من العقاب، وحجم المقرر الدراسي، ومستوى سهولة الامتحان، والدرجات التي يحصل عليها في كل مادة، فلا تكون المحصلة النهائية لهذا الخوف إلا إنسانا بلا عقل أو حياة، بل إنسانا تعيسا غير قادر على العيش بسعادة.
أما على المستوى الإنساني فيكون الطريق إلى جامعة سعيدة هو أن يمزج الأستاذ بين ما يقدمه من مادة علمية وأكاديمية رصينة وبين مشاعر إنسانية راقية، فيقترب من طلابه ليشاركهم أحلامهم وطموحاتهم، ويسمع منهم مشاكلهم ويسهم في حلها، ويتفاعل معهم اجتماعيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي مواقف الحياة اليومية والمناسبات الاجتماعية، ويفتح باب مكتبه لكل طلابه للاستماع إليهم، والخروج معهم ومشاركتهم أنشتطهم مهما بلغت بساطتها، ومن هنا يجب أن يتشكل الخيط الرفيع الذي ينسج رسالة الأستاذ، ذلك الخيط المغزول من المشاعر الإنسانية والإحساس بالطالب كونه شابا في مقتبل عمره من المفترض أن يعيش أجمل مراحل حياته، وله الحق في أن تتوفر له كل سبل الاطمئنان، فالأستاذ أب وصديق لطلابه، داعم لهم، مستمع جيد لأحاديثهم، معاونا لهم في مواجهة مشاكلهم، مرشدهم في معترك الحياة.
وفي النهاية وفي ظل نُبل رسالة أستاذ الجامعة بعيدا عن أية عقد نفسية أو اجتماعية؛ فليكن هذا المقال بمثابة دعوة للسعي نحو “جامعة سعيدة”..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *