أخبار عاجلة
الدكتور أحمد عثمان - أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة

د.أحمد عثمان يكتب… كن صديقا !!

مسار القهوة

“كيف أعلمه وهو لا يحبني!”
هذا ما قاله سقراط عندما أراد أن يرسم لنا دستور العلاقة بينه وتلاميذه، فالوصول لقلب الطالب أهم من الوصول إلى عقله؛ فلن تصل إلى عقله حتى تدخل قلبه.
إن احترام الطالب لأستاذه عندما يكون مبنياً على الحب والتقدير أفضل من الاحترام المبني على الخوف، لقد تعودنا طوال رحلة التعليم أن الطالب يجب أن يحترم أستاذه خوفا من العقاب، وحجم المقرر الدراسي، ومستوي سهولة الامتحان، والدرجات التي يحصل عليها في كل مادة، فلا تكون المحصلة النهائية لهذا الخوف إلا إنسان غير سوي بلا عقل وبلا حياة، ليس لديه سوي مشاعر الكره لأساتذته وللآخرين، وتكون النتيجة شباب لم يعيشوا مرحلة شبابهم التي من المفترض أن يتعرفوا من خلالها على مفردات المجتمع، أما على المستوي الإنساني فقد تعودنا أنه من غير المقبول أن يقترب الأستاذ من طلابه ليشاركهم أحلامهم وطموحاتهم، ويسمع منهم مشاكلهم ويساهم في حلها، ويتفاعل معهم اجتماعيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي مواقف الحياة اليومية، ومن هنا يجب أن يتشكل الخيط الرفيع الذي ينسج رسالة الأستاذ، ذلك الخيط المغزول من المشاعر الإنسانية والإحساس بالطالب كشاب في مقتبل عمره من المفترض أن يعيش أجمل مراحل حياته، وله الحق في أن تتوفر له كل سبل الاطمئنان، فالأستاذ أب وصديق لطلابه، داعم لهم، مستمع جيد لأحاديثهم، معاونا لهم في مواجهة مشاكلهم، مرشدهم في معترك الحياة.
لقد حثنا رسول الله على التبسط في تعاملاتنا، فعن عبد الله بن مسعود قال: “قال رسول الله ﷺ: ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟، تحرم على كل قريب هين لين سهل”. بمعني أنك تستطيع أن تتكلم مع هذا الإنسان بسهولة، وعندما تعتذر له يقبل منك الاعتذار دون أدنى صعوبة، فيكون قريباً من القلب قريباً للناس.
ومن هذا المنطلق حرصت علي مدي سنوات عديدة أن لا أكون سببا في أن يكره طلابي الدراسة، دائما أخبرهم أنّهم هم الأساس وأَنّي هنا من أجلهم، لا أعاملهم كأطفال، ولا أعاقبهم، لا أجعل همهم الدرجات فقط، لا أرهقهم بأعمال غير مجدية، ولا أكون عقبة في طريق نجاحهم، أسمح لهم بإدخال الشاي والقهوة والطعام إلى قاعة المحاضرات، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ علي نظافة القاعة، أمنحهم دائما ١٠ دقائق آخر المحاضرة لأستمع إليهم، لا أمانع في أن أجلس معهم في المقهى نتجاذب أطراف الحديث ونناقش مشكلاتهم وموضوعاتهم المهمة جدا بالنسبة لي، وأعيرهم كتبي وأساعدهم في مواجهة صعاب حياتهم، أرد على مكالماتهم، وأكلمهم بتبجيل وكأنهم أساتذة مثلي، أعاملهم كأصدقاء لي قبل أن أكون أستاذهم، وأذهب لعزائهم وكذا أفراحهم، بعبارة أخري هناك حواجز وحدود، ولكن ضمن المعقول!
قد تتعرض للنقد (الغير بناء عادة، والغير مهم على الإطلاق) وللهجوم أحيانا، فكيف يكون الأستاذ صديقا لطلابه؟! كيف لا يرتعب الطلاب من مجرد سماع اسم الأستاذ؟! كيف لا تتباهي كأستاذ بعدد من يرسبون في مادتك؟! كيف يظل باب مكتبك مفتوحا لكل طلابك؟! كيف لا يتردد الطلاب في الجلوس معك وطلب النصيحة؟! كيف يضحك الطلاب معك من قلوبهم بدون ذعر أو رهبة؟! قد تتعرض للنقد؛ وهذا ما يجعلك تثق تماما أنك على الطريق الصحيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *