أخبار عاجلة
سيد زهيري

سيد زهيري يكتب… الموقف المصري والمخطط “الصهيو أمريكي”

بداية أري أن بايدن فشل في زيارته التي كانت تستهدف في المقام الأول العودة بالجائزة الكبري التي يقدم نفسه من خلالها لليهود حول العالم كـ”السوبر مان” الذي فعل ما لم يستطع أن يفعله أسلافه وهو تحقيق حلمهم الكبير نحو دولتهم المزعومة من “النيل للفرات” من خلال الضغط علي مصر باستخدام سياسة “العصا والجزرة” لإجبار الدولة المصرية علي قبول تهجير الفلسطينيين المرابطين والمدافعين عن أرضهم وقضيتهم بغزة الي سيناء, تمهيداً للقضاء نهائيا علي الدولة الفلسطينية ثم نقل الصراع الي سيناء، ليبدأ فعلياً تنفيذ مخططهم الخبيث بإيقاع “الجيش المصري” الذي يبقي حجر العثرة الوحيد في طريقهم نحو ما يسمي بالشرق الأوسط الجديد.
لكن صدمة بايدن كانت كبيرة ومفاجئة, حيث قوبل بالموقف المصري الرافض لكل ما قدموه من عروض سخية وكل ما مارسوه من ضغط وتخويف وتهديدات نقلها بايدن للقاهرة من خلال وزير خارجيته “بلينكن” وغيره من أزيال أمريكا بأوروبا أخرهم المستشار الألماني, لكن موقف الدولة المصرية متمثلاً في الرئيس السيسي, لقنهم درساً في الديبلوماسية والقوة، من خلال الموقف الذي كان واضحاً ومباشراً ومشرفا لكل مصري وعربي ومسلم, الأمر الذي أربك حساباتهم ومخططاتهم وغير المعادلة السياسية في المنطقة بأسرها…
هنا جاء خطاب “بايدن” الذي أراد أن يحفظ به ماء وجهه أمام اليهود ليس فقط داخل إسرائيل لكن لليهود حول العالم، فكان هذا الخطاب العاطفي أحياناً والعنصري أحيان أخرى في محاولة أراد خلالها أن يواري فشله الذريع في مهمته القذرة بالمنطقة.

قراءة في المشهد الراهن…
ولكي تضح الصورة لابد من قراءة معمقة للمشهد الراهن الذي انطلقت شرارته الأولي في السابع من أكتوبر الجاري، وهذا الزلزال “طوفان الأقصى” الذي ضرب العنجهية والغرور الإسرائيلي في مقتل، حيث استطاعت المقاومة الفلسطينية إختراق التحصينات الأمنية والعسكرية والمخابراتية. والجدار الحديدي المحصن بمنظومة “القبة الحديدية” و “الشبكة التكنولوجية” التي تستطيع أن ترصد أنفاس من يقترب منها فتقوم بتشغيل المنظومة العسكرية الدفاعية أوتوماتيكياً، والتي لطالما تغني بها الكيان الصهيوني، وقالت عنها وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها “السياح الذكي” المزود بأحدث تقنيات الاستشعار عن بعد التي يستحيل احتراقها، لكن مشاهد عناصر المقاومة الفلسطينية التي رأها العالم كله وهي تتجول بمعداتها البدائية داخل الأراضي المحتلة بغلاف غزة، وبين شوارع وأزقة مخيمات المستوطنات الإسرائيلية، بل إنها وصلت لمنازل القيادات العسكرية وأسرتهم من داخل غرف نومهم ونقلتهم “دليفري” علي الدراجات البخارية دون أدني مقاومة تذكر، الأمر الذي ذهب بالمتابعين والمحللين إلي فرضية أن ما حدث هو إعادة إنتاج لمشهد “الحادي عشر من سبتمبر”, ليتمكن الكيان الصهيوني وحلفاؤه الأمريكيين والأوروبيين من استثماره لتنفيذ مخططهم الخبيث بالمنطقة وتغيير خارطة الشرق الأوسط، وحتى لو سلمنا بصحة هذه الفرضية، فإننا أيضا ندرك القاعدة الأساسية التي تقول أن من خطط وبدأ الحرب لا يملك كيفية أو توقيت انهائها، ولا يستطيع ضمان مكاسبها وخسائرها.
وبالفعل فقد تخطي رد فعل هذا الكيان الدموي االعنصري المتطرف كل التوقعات. فحشد عدته وعتاده العسكري برأ وبحراً وجوا ليوجه نيرانه صوب هذا الشعب الأعزل في غزة، في حرب غير عادلة وغير شريفة تجاوزت حدود الإجرام، وخالفت كل القيم والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية، حيث الصواريخ والقنابل المحرمة دولياً تضرب منازل المدنيين العزل لتطاير الدماء الطاهرة وتمزق أجساد ألاف الشهداء من العجائز والنساء والأطفال أشلاء أمام أعين وأنظار العدالة العوراء لهذا العالم المسمي بالمتحضر والذي لطالما نصب نفسه مدافعاً عن العدالة والقيم والحقوق والحريات، لكن أشلاء النساء والأطفال والأجنة التي تناثرت مسجاه بدمائها الطاهرة في ساحة وجنبات مستشفى المعمداني التي شهدت هذه المجزرة الإجرامية الدموية الغير مسبوقة، وكأننا نشاهد فيلم رعب لمصاصي الدماء، كل هذا أمام أنظار هذا العالم الذي تكشفت عوراته فلم يحرك ساكناً، لكنهم علي العكس من ذلك انتفضوا مهرولين خلف كبيرهم الذي علمهم السحر ليناصروا طفلتهم المدللة “إسرائيل” التي ولدت سفاحاً لتكون عصاهم الغليظة في المنطقة تمهيداً لتنفيذ المشروع “الصهيو أمريكي”.

الموقف المصري والمشروع الصهيو أمريكي…
وهنا تتجلي قوة مصر وريادتها التاريخية ودورها في حماية الأمن القومي المصري والعربي، من خلال موقفها الذي كان واضحاً ومباشراً ومشرفا لكل مصري وعربي ومسلم، والذي كان رافضاً ومقاوما للمخطط “الصهيو أمريكي” الخبيث الذي يهدف لتغيير التاريخ والجغرافيا في الشرق الأوسط، من خلال مطالبة مصر السماح بتهجير الشعب الفلسطيني من غزة إلي سيناء، هذا المخطط الخبيث الذي يستهدف الإيقاع بالجيش المصري حجر العثرة الوحيد الباقي في طريقهم نحو تنفيذ مخطط “الشرق الأوسط الجديد” و “اسرائيل من النيل إلي الفرات”، فبرغم سياسة الترهيب والترغيب وما قدموه من إغراءات تخطت اسقاط الديون، وما مارسوه من ضغوطات وتهديدات من خلال رسائل “بايدن” التي نقلها وزير خارجيته “بلينكن” وأزياله الأوروبيين كان أخرهم المستشار الألماني، لكن موقف الدولة المصرية متمثلاً في الرئيس السيسي الذي لقنهم درساً في الديبلوماسية والقوة كان صادما، الأمر الذي أربك حساباتهم وغير من مخططاتهم ومعادلاتهم السياسية بالمنطقة، فكانت المحاولة الأخيرة للرئيس الأمريكي بايدن لمزيد من المساومة واستخدام أوراق الضغط والتهديد التي تخطت الحصار الاقتصادي الي الحصار العسكري المتمثل في الأسطول الأمريكي الذي تم تحريكه الي شرق المتوسط والبحر الأحمر، لاجبار مصر والأردن التي تطابقت مواقفها مع الموقف المصري، علي قبول تهجير مواطنوا غزة إلي سيناء، وتهجير مواطنوا الضفة الي الأردن، لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا ونقل الصراع لمناطق أخري.
ورغم ميوعة الموقف العربي الذي لم يكن علي قدر ما يحاك للمنطقة، كان صوت الشعوب العربية التي انتفضت في وجه هذا العدو المحتل المجرم، أقوي وأكثر تأثيراً، حيث توحدت كلمتهم وتألفت قلوبهم لنصرة الشعب الفلسطيني والدفاع عن الأمن القومي العربي.

نسأل المولي عز وجل أن يكتب لمصرنا الحبيبة وللأمة العربية السلامة والنجاة وأن يوحد كلمتهم, وأن يرد عنا كيدهم ومكرهم وأن يجعل تدميرهم في تدبيرهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *