ابراهيم الصياد

ابراهيم الصياد يكتب… لبنان على المحك

أحداث العنف التي وقعت في لبنان قبل أيام قليلة اعادت الى الاذهان ذكريات الحرب الاهلية التي وقعت عام 1975 ، وتفرض العديد من التساؤلات التي تصب جميعها في ضرورة العمل الجاد على اخراج هذا البلد العربي من نفق مظلم دُفع إليه دفعا !
في مقدمة هذه التساؤلات من المسئول عما يحدث في لبنان ؟
لماذا ينجرف لبنان نحو الهاوية سياسيا واقتصاديا ؟ لماذا لم يؤثر تشكيل حكومة نجيب ميقاتي في تهدئة الاوضاع ؟
لماذا هذا الصمت العربي تجاه ما يحدث في لبنان ؟
اين الدعم الدولي للبنان ؟
 
هذه التساؤلات وغيرها تحتاج مصارحة عند التصدي للاجابة عليها !
وبداية لابد ان نؤكد على ان تراكم المشكلات وانصراف الطبقة السياسية الى مصالحها الخاصة واهمال الشأن اللبناني أو بعبارة اكثر دقة اغفال مصالح الشعب اللبناني قد ادى الى السقوط في مستنقع الفساد السياسي والاقتصادي .
واتصور ان انفجار مرفأ لبنان العام الماضي لم يكن سوى ناقوس خطر صرخت دقاته في وجه كل الأطراف! .
ودعونا نتفق على ان التعددية الطائفية التي ارساها الانتداب الفرنسي قبل انهائه في عام 1943سبب مباشر لما عيشه اللبنانيون وقد ابى المستعمر الفرنسي إلا ان يغادر لبنان قبل ان يترك آلية سياسية تمنع تحقيق الاستقرار للدولة اللبنانية المستقلة ! وعرفت ادبيات الشئون اللبنانية هذه الالية بما يسمى ( المحاصصة الطائفية ) .
ونقول لم تستطع الحكومات والادارات المتعاقبة في لبنان حل المعضلة الطائفية بل على العكس زاد تجذرها في البنية اللبنانية وخلقت طبقة سياسية مستفيدة من التعددية الطائفية تحول دون نجاح اي محاولة للخروج من تحت سيطرتها
بات واضحا ان الديموقراطية اللبنانية والتعددية السياسية والانفتاح الداخلي والخارجي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي كلها لم تكن سوى مظاهر على السطح لتجميل الصورة في حين ظلت حمم البركان تحت الرماد ! .
ولم يكن ضحية الاوضاع في لبنان غير المواطن اللبناني الذي دفع ثمن الاخطاء المتراكمة على مدى اكثر من سبعين عاما !
حتى وصلنا الى حال اليوم الذي لا يحسده احد أو يتمناه :
– أزمة اقتصادية حادة وغير مسبوقة
– انهيار في سعر العملة المحلية
– ازمة مزمنه في الطاقة وميزانية دولة تكاد تصل لحد الافلاس
– وجود أزمة ثقة بين الفرقاء السياسيين
– تدخل خارجي بشكل أو باخر في الشؤون اللبنانية لصالح اطراف إقليمية مثل إيران واسرائيل .
 
لاشك ان هذا الحال هو نتاج اوضاع جعلت لبنان يقف على المحك .
مثلت هذه الاوضاع ضغوطا شديدة على حكومة نجيب ميقاتي وفي مقدمة هذه الضغوط الوضع الاقتصادي ومسار التحقيق المتعثر في حادث مرفأ بيروت .
ومثل الواقع اللبناني ايضا احراجا للحكومة حيث لم يمر على تشكيلها سوى فترة قصيرة حتى وقعت أحداث العنف الأخيرة ما يتطلب وقفة جادة وصادقة لكل الأطراف في الداخل والخارج ونقول لهم نقطة البداية اولا (ارفعوا ايديكم عن لبنان) بمعنى الغوا مصالحكم في لبنان ودعونا نفكر للاتفاق على كلمة سواء من اجل الشعب اللبناني .
نقول هذا قبل ان نتساءل لماذا لم تقابل دعوة ميقاتي الاشقاء العرب لمساعدة لبنان على النهوض من عثراته برد فعل ايجابي ؟
كنت ارجو ان يطلب الامين العام لجامعة الدول العربية عقد اجتماعا طارئا لمجلس الجامعة لمناقشة سبل انهاء معاناة الشعب اللبناني . وكنت اتمنى ان يُوجه بعض مليارات النفط العربي لمساعدة لبنان و نلاحظ انه لم يتحرك على الأرض غير مصر التي ارسلت الغاز عبر الاردن وسوريا الى لبنان وارسل العراق النفط الى لبنان وادخله عبر الاراضي السورية خطوتان نعتبرهما من قبيل إنقاذ الموقف .
كما نرى ان لبنان يقع جيوسياسيا بين سندان المشكلة السورية ومطرقة اسرائيل .
سوريا تعاني صراعا داخليا تم تدويله وفقد السوريون قدرتهم على استقلالية اتخاذ القرار وانتهك الغير أراضيهم ومن الطبيعي ان تتأثر الدولة الحارة لبنان بالوضع السوري .
يعتبر عدم استقرار لبنان عاملا يصب في صالح اسرائيل التي تستفيد ايضا من عدم الاستقرار في سوريا ومثال على ذلك استغلال اسرائيل الاراضي والاجواء اللبنانية لضرب سوريا ! علي اي حال تلقي هذه الوضعية بظلالها القاتمة على الاوضاع في لبنان .
وبالطبع لا يمكن تجاهل دور حزب الله المدعوم من إيران في التأثير السلبي على حلحلة المشكلة اللبنانية .
ولاشك يتحمل المجتمع الدولي مسئولية تدعوه الى تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب اللبناني ولا يمكن اغفال المسئولية الاخلاقيه التي تتحملها فرنسا تحديدا في ضرورة حشد الدعم الأوروبي للبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *