أخبار عاجلة

“أحوال مصر” فى لقاء خاص مع الفريق حسام خيرالله وكيل المخابرات المصرية السابق

في مكتبه الكائن في القاهرة الجديدة ، ينتقي الفريق حسام خير الله، وكيل المخابرات المصرية السابق، المرشح السابق للرئاسة، ما هو مسموح بذكره، وما هو غير مسموح، من معلومات وبيانات، من خلال فترة عمله وخبرته الطويلة في الجهاز الذي كان يرأسه اللواء الراحل عمر سليمان. ويتذكر خير الله كيف شعر بالصدمة حين أجاب الرئيس الأسبق حسني مبارك على سؤال وجه له في التسعينات بشأن عدم وجود نائب له، عندما قال: إنه لم يجد الشخص المناسب بعد لهذا الموقع.
وكشف خير الله، الذي عمل أيضا كرئيس لهيئة المعلومات في جهاز المخابرات المصرية، عن استمرار الملاحظات أيام حكم مبارك التي كانت تشير إلى وجود تغير كبير يمكن أن يحدث في المستقبل، ومنها تعليق للرئيس الأسبق فهم على شكل سيئ في الخارج يتعلق بموقف مصر من القضية الفلسطينية، ثم عدم رغبة الرئيس في الاطلاع على ما يرفع له من تقارير، والاكتفاء بسماع مضمونها، مع تقليص وتخفيف لما فيها من المعلومات غير السارة، منذ عام 2003.
وقال وكيل المخابرات السابق إن كلا من المخابرات والجيش كان ضد موضوع توريث الحكم من مبارك لنجله جمال، وذلك حين بدأ اللغط حول هذا الموضوع، مشيرا إلى أن مبارك علم بعلاقة الولايات المتحدة الأميركية بجماعة الإخوان المسلمين في عام 1993 ولهذا السبب غضب من واشنطن حتى توقفت، لفترة، عن الاتصال بالإخوان المسلمين في الداخل، في ذلك الوقت، وذكر تفاصيل عن أن وزير داخلية مبارك، حبيب العادلي، تسبب في زيادة الغضب الشعبي من نظام الرئيس الأسبق. كما تطرق خير الله لـ«أخطاء» عهد الرئيس السابق محمد مرسي، خاصة فيما يتعلق بتهريب الأسلحة والمساس بأراضي الدولة ودخول آلاف «الإرهابيين» إلى سيناء.
وقال: إن شعبية الفريق أول عبد الفتاح السيسي جارفة، وأضاف أن الناس لا تتوقع أن تتقدم إحدى الشخصيات العسكرية السابقة لمنافسته لأن من سيترشح ضده سيجد نفسه وحيدا من دون عدد يذكر من الناخبين، مشيرا إلى أن السيسي يتعرض لضغط كبير من الداخل المصري والخارج العربي لكي يرشح نفسه مع وعود بمساعدته في اجتياز هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* في رأيك، متى بدأت الأمور في مصر تتجه نحو التغير. هل منذ 2004 مع صعود ما كان يسمي بمجموعة الجيل الجديد، أم مع تعديل الدستور في 2007 أم وقع التغير فجأة في يناير (كانون الثاني) 2011؟
– كانت لدينا بعض المظاهر والملاحظات التي أقلقتنا منذ التسعينات. الملاحظة الأولى مثلا، حين جرى سؤال رئيس الدولة وقتها (مبارك) أثناء زيارته لمكتبة الإسكندرية: لماذا لم تعين نائبا للرئيس حتى الآن؟ وحين تكون إجابته بالقول إنه لا يجد الشخص المناسب لهذا الموقع، فهذه تعتبر إهانة لكل المصريين. هذه الإجابة أزعجتنا، بغض النظر عن أن مبارك أدار القوات الجوية بشكل جيد، قبل أن يكون رئيسا. وبحكم أنني كضابط، ثم كرئيس لهيئة المعلومات في جهاز المخابرات، وهي هيئة مسؤولة وتتابع الأخبار السياسية والاقتصادية في العالم.. وبالتالي دائما اطلاعنا على الخارج، علاوة على الزيارات والسفريات الكثيرة. ومن هنا كان السؤال الذي يتبادر للذهن ونحن نرى ما عليه دول العالم الخارجي، لماذا لا تصبح مصر مثل تلك الدول، خاصة أن لدينا مقومات يمكن أن تجعلنا مثل العالم المتقدم. ومن الملاحظات الأخرى التي أذكر أنها أقلقتني في ذلك الوقت أيضا، وكان ذلك تقريبا في عام 1996 أو 1997، أي بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ثم جاء بعده شيمعون بيريس وفشل، ثم جاءت حكومة بنيامين نتنياهو.. وحين يصلك أن الرئيس (مبارك) يقول: «إن هذا جيد، لأنه لو انتهت مشكلة الشرق الأوسط فما الدور الذي ستقوم به مصر؟». هذا الكلام أصابني بالصدمة. وكان هذا الأمر من ضمن تخصصاتي. كان السؤال: هل أنت (للرئيس) تعتقد أن مصر ليس لديها مشاكل، وهل تعتقد أنك يمكن أن تنهي مشكلة الشرق الأوسط بتلك البساطة، بينما لديك موضوع القدس والمياه واللاجئون وغيرها.
* هل جرى التعامل مع كلام الرئيس وقتها بجدية؟
– أريد أن أذكر أنه بعد سنوات من هذه الواقعة وجدت أن البعض (في الخارج) أخذ يقول إن «مصر ليس لديها إلا زبون واحد وهو القضية الفلسطينية». وهناك ملاحظات أخرى كثيرة وقعت بالتتابع حتى ثورة 2011. وكانت كلها تشير إلى أن البلاد تتجه نحو التغيير. أتحدث مثلا مع رئيس الجهاز (جهاز المخابرات) وقتها، ونشير بأنه ينبغي أن يكون لدينا وزير للشؤون الأفريقية لأننا في حاجة للدول الأفريقية ولأصوات هذه الدول في الأمم المتحدة. قلت لرئيس الجهاز: «نريد وزيرا للشؤون الأفريقية»، فأجاب قائلا: «رئيس الدولة لا يريد أن يكرر تجارب سابقة من هذا النوع»، في إشارة إلى تجربة بطرس غالي (الذي عمل من قبل وزير دولة للشؤون الخارجية). وبمرور الوقت بدأ الكلام عن موضوع توريث الحكم لجمال مبارك يتزايد وهو أمر كانت ترفضه المخابرات والجيش، وكان السؤال هو: ما خلفية جمال مبارك؟ المهم.. في مرة أخرى مثلا، في سنة 2003 على ما أذكر، أشرت على رئيس الجهاز بكتابة مذكرة للرئيس (مبارك) فيرد (رئيس الجهاز) قائلا لي: «الرئيس لم يعد يقرأ». وحين لا يقرأ الرئيس فإنه سيضطر لأن يسمع فقط. وأنت لا يمكن أن تدرك ما في المذكرة من سلبيات وإيجابيات حين تعتمد على شخص ما يروي لك ما فيها، دون أن تطلع عليها بنفسك.
* كيف؟
– يعني حين يأتي زكريا عزمي (رئيس ديوان رئيس الجمهورية في عهد مبارك) ويقول، كما كان يقول للوزراء، لا تغضبوا رئيس الدولة، فهذا يعني أن تروي له الخبر السعيد وتحجب عنه الخبر غير السعيد، على عكس ما يمكن أن يحدث لو قرأ ما هو مكتوب في المذكرة من تفاصيل كاملة عن الوجهين الحسن وغير الحسن، ثم يأخذ قراره. وكان هذا الأمر من الملاحظات التي أقلقتنا أيضا. ثم تطورت الأمور بعد ذلك بموضوع إجراء الرئيس لعملية جراحية في الخارج، ثم وفاة حفيده وما سببه له من حزن.
* بالنسبة للمذكرات التي كانت تقدم لمبارك، هل كان يجري تنقيحها في الرئاسة قبل تقديمها له، أم ماذا؟
– حتى عمر سليمان (رئيس المخابرات السابق) رحمه الله، حين كان يعرض (عليه بعض المذكرات) يعرضها بطريقة مخففة ليست كما هي مكتوبة في المذكرة. نحن بشر.. وقد تضطر أن تقلل مثلا من المساوئ الموجودة في المذكرة إلى حد ما. ومع وصولنا إلى عام 2009 و2010 كانت الأمور وصلت إلى حد لا يمكن أن تقول فيه إن مصر ما زالت زعيمة الأمة العربية.
* في ذلك الوقت هل كنت ترى أن هناك قوى أخرى منظمة وصاعدة، لتحل محل نظام مبارك.. هل كانت جماعة الإخوان مثلا، وهل كان هناك خوف منها؟
– لا تستطيع أن تسميه «الخوف منها». طبعا هذا لم يكن ضمن اختصاصي بمجال المعلومات والتقديرات، لكن في الإطار العام كانت تجري مواءمات.. يقال مثلا (من جانب الإخوان) نترك هذه الدوائر لشخصيات من مرشحي الحزب الوطني (حزب الرئيس الأسبق). لم يكن القلق من الجماعة واضحا من جانب المسؤولين. لكن، وفي هذا السياق لا أنسى أن الرئيس الأسبق (مبارك) أبدى غضبه من الولايات المتحدة الأميركية في عام 1993. وذلك بسبب اكتشافه محاولة الجانب الأميركي التواصل مع جماعة الإخوان داخل مصر. كانت حجة الأميركيين أنه بعد ما حدث في إيران من احتجاز للرهائن الأميركيين عقب ثورة الخميني (عام 1979)، أنه لا يجوز ألا يكون لواشنطن اتصال بأي أحزاب معارضة أو جهات معارضة في العالم، حتى لا تصدم كما صدمت في إيران. ومن بعد 1993 خفتت وتيرة الاتصالات بين الإخوان والجانب الأميركي، ثم انقطعت لفترة، لكن طالما لديك تنظيم دولي (مثل تنظيم الإخوان) فالاتصالات يمكن أن تستمر من الخارج. كما أنه، وقبل ثورة 25 يناير 2011، كانت الدولة قد اتخذت الطريقة الأمنية في الحلول. ولعب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي دورا في إظهار أن الدولة مسيطرة على كل شيء، وفي الوقت نفسه كانت لديك مشاكل جوهرية لم توضع لها حلول على رأسها الأمية والفقر.
* لكن الكثير من التقارير الاقتصادية قالت: إن معدلات النمو كانت في ارتفاع في السنوات الأخيرة من حكم مبارك؟
– فترة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف (2004-2010) كانت فترة إيجابية اقتصاديا. لكن المشكلة أن العائد لم يكن يصل إلى عامة الناس، وإنما للطبقة العليا. نعم.. معدل النمو وقتها وصل إلى سبعة في المائة، لكن الناس لم يكونوا يشعرون بذلك، بينما الأسعار ترتفع. لو كانت عوائد ذلك النمو وصلت ولو بنسبة بسيطة إلى عامة الشعب، ما كانت جرت كل تلك الأحداث. لكن المشاكل مع ذلك كانت كبيرة. مثلا ما زال توزيع الزيت والسكر على الناخبين من الأميين والفقراء في مواسم الانتخابات يمثل مشكلة كبيرة في مصر. توجد حلول لهذا.. مثلا «كوبا» التي حلت مشكلة الأمية في سنة واحدة من خلال وقف التعليم الجامعي وجعل طلاب الجامعة يعلمون الناس، وكذلك «تشيلي» و«البرازيل» قضت كل منهما على المشكلة في ثلاث سنوات وخمس سنوات. لكن للأسف في آخر فترة حكم مبارك يبدو أن الحلقة قد أغلقت من حوله، ولم يكن يعلم بكل ما يدور. وأصبح وزير الداخلية يتصرف في الشارع كما يريد.
* مثل ماذا، مم تذكر؟
– الوقائع كثيرة.. لكن على سبيل المثال في إحدى المرات كان الرئيس مبارك يلقي خطابا في البرلمان، وكانت تعليمات وزير الداخلية أنه حين يقول الرئيس «السلام عليكم» مختتما خطابه، يتم إغلاق الطريق الواصل بين مقر البرلمان بوسط القاهرة والقصر الجمهوري في أقصى الشرق. وهذه التعليمات مبنية على تصور أن الرئيس يختتم خطابه ويخرج مباشرة.. لكن في هذه المرة التي أتحدث عنها طلب رئيس البرلمان، فتحي سرور، من الرئيس شرب فنجان قهوة معه ومع بعض قيادات البرلمان، فمكث الرئيس في مكتب سرور، بينما في الخارج ظلت الشوارع مغلقة منذ اختتم خطابه، حتى انتهى من عزومة سرور. وفي إحدى المرات الأخرى ظل الطريق مغلقا منذ دخوله البرلمان وإلقائه للخطاب حتى عودته للقصر. ومثل هذه الوقائع وغيرها تسببت في غضب عارم من الناس على مبارك وأدت لشحنهم ضده.
* وما هي أخطاء الرئيس السابق مرسي؟
– كثيرة.. في كل مرة يلقي فيها خطابا يزيد الانتقادات ضده. لكن أشد أخطائه قيامه بإصدار إعلان رئاسي حصن فيه نفسه في أواخر 2012. كما أنه أقصى الناس واقتصر من حوله على جماعة الإخوان. ولو كان استمر شهرين إضافيين في الحكم لأطاح بـ3500 قاض وعين قضاة تبع الإخوان بدلا منهم، ولتم الزج بكثير من الناس في السجون. ثم انظر لما حدث من تهريب أسلحة من الحدود الغربية بين ليبيا ومصر.. وانظر لما حدث من محاولة للتفريط في حلايب وشلاتين جنوبا، وانظر لما حدث في سيناء من إرهاب.. كان من الواضح أن حكم الإخوان يفرط في البلد. سيناء وحدها دخلها 12000 إرهابي بينهم أفغان عرب.
* توجد 3 قضايا أحيل فيها الرئيس السابق مرسي، منها قضية تخابر وقضية أخرى تضم نحو 132 من قيادات الإخوان وعناصر من حماس وحزب الله اللبناني. ومما جرى تسريبه يبدو أنها مبنية على تسجيلات وتقارير. وبما أنك رجل ضليع في مجال الأمن، هل ترى أن هذه التسجيلات والتقارير أقرب إلى الحقيقة؟
– بالطبع.. يوجد خطاب مكتوب موجه منه لحماس يقول فيه إنه لن ينسى الجميل الذي قامت به في مساعدة الإخوان في «ثورة 25 يناير». وبعد توليه الرئاسة كان هناك إصرار على إخلاء جهاز مباحث أمن الدولة (الأمن الوطني) من الخبرات التي فيه من الضباط.. لكي تأتي بضابط متخصص في النشاط الديني لا بد أن يكون هذا الضابط قرأ كتبا كثيرة في هذا المجال، بحيث يكون قادرا من خلال المناقشة أن يعرف أي فكر يحمله هذا أو ذاك.. وكان نظام مرسي يريد أن يتخلص من هذه الخبرات ويأتي بضباط عاديين لجهاز الأمن الوطني ليست لديهم خبرة في جماعات مثل «الجهاد» و«التكفير والهجرة» و«الإخوان» وغيرهم.
* تردد أن أجهزة في الدولة قامت بتقليص الخدمات، مثل الوقود والكهرباء، لتنفير الناس من محمد مرسي. هل هذا له ظل من الحقيقية؟
– لو كان هناك اقتناع بالنظام، لم يكن أحد ليستجيب لإسقاطه.. أعتقد أنه هو من وفر البيئة المنفرة له. مثلا حركة المحافظين التي جرت في الشهور الأخيرة من حكم مرسي.. كان من البشاعة أن تعين محافظا لمحافظة الأقصر السياحية ينتمي لجماعة متهمة بقتل السياح. ثم إن مرسي حين جاء يوم 30 يونيو (حزيران) 2013 أخذ يكرر كلمة «الشرعية.. الشرعية» دون أن يقدم أي حلول. هل كانت حكومة هشام قنديل (التي كان ملايين المتظاهرين يطالبون بإقالتها) عزيزة عليه إلى ذلك الحد. كان يمكنه أن يحلها. لكن حالة الغرور كانت قد وصلت لمداها.
* هل يمكن للدولة السيطرة على تنظيم الإخوان الذي يثير القلق في الشارع المصري منذ الإطاحة بمرسي؟
– من الخطأ أن تعتقد أن من تراهم في الشارع هم جميعا تبع تنظيم الإخوان. تنظيم الإخوان لا يزيد عن 30 ألف شخص.. لكن توجد كمية من المال ضخمة جدا يجري إنفاقها لإثارة القلق في الشارع. وهنا عليك أن تسأل سبب تركز المشاكل في جامعة الأزهر مثلا.. عدد طلاب هذه الجامعة يفوق عدد طلاب جامعة القاهرة أضعافا، لكن ميزانيتها المالية أقل من ميزانية جامعة القاهرة بكثير. ثم إن غالبية طلاب جامعة الأزهر من الأرياف والفقراء، والعناصر المنتمية للإخوان في الأزهر توفر لهم طعاما وملابس وسكنا ودروسا خاصة.. وأرى أنه من الحلول ضم وزارة الأوقاف للأزهر حتى توفر لجامعة الأزهر تمويلا ماليا جيدا، بحيث يكون الإنفاق على الطلاب من الجامعة وليس من تنظيم مثل تنظيم الإخوان. وعلى المدى الطويل حركة الإخوان هي الخاسرة، لأنها لا تريد أن ترى الواقع وتصمم على الاستمرار بعقليتها المغلقة.
* هل سترشح نفسك مرة أخرى للرئاسة؟
– موضوع الترشح للرئاسة له حساباته. يوجد إجماع حاليا على ترشيح الفريق أول عبد الفتاح السيسي وله شعبية جارفة. والناس لا تتوقع أن تتقدم إحدى الشخصيات العسكرية (السابقة) لمنافسته. لأنه، في هذه الحالة، من سيترشح ضد السيسي سيجد نفسه يقف وحيدا من دون عدد يذكر من الناخبين. البعض من المرشحين يقول منذ الآن فليتقدم كل من يريد أن يرشح نفسه ونخوض المنافسة.. لكن أنا أسأل: هل مثل هؤلاء لديهم الثقة في أنفسهم للوقوف ضد إرادة المصريين كلهم. وبالنسبة للمرشحين الآخرين القادمين من خلفيات عسكرية، فلا يصح أن يكون لدينا صراع الجنرالات، وهذا أمر غير موجود في مصر بطبيعة الحال. كلنا متفقون إذا كان الفريق أول السيسي سيترشح فلا أحد سيترشح ضده. وهذا الاتفاق لم يأت بناء على مقابلات أو شيء من هذا القبيل، ولكنه اتفاق غير مكتوب ومتعارف عليه، ومن القواعد المنطقية المتبعة. هذا علاوة على أن الذي يرغب في الترشح لا بد أن يبني حملته الانتخابية على الناس، ولكي نكون أكثر صراحة، فإنه حتى لو كان البعض يتحدث عن الشرعية وغير الشرعية (بشأن ترشح السيسي) فإنني أقول إن الرغبة في أن يكون السيسي رئيسا لمصر هي رغبة داخلية وخارجية أيضا.
* كيف؟
– العالم العربي والداخل المصري، كلاهما يريد الفريق السيسي.. من يرشح نفسه ضد السيسي إما شخص يهوى السقوط أو شخص محب للظهور. إذن غالبية الناس متفقون على الفريق السيسي فعلينا أن نساعده، لأن المشكلة هي أن المسؤولية ثقيلة، وأنظر لها مثلما كان يقال لنا في مهمات الحروب أن هناك مهمة خطرة نريد لها متطوعين يمكن ألا يعودوا. من يترشح للرئاسة هذه المرة ويريد أن يعمل بإخلاص فعليه ألا ينام.. الغالبية العظمى من المصريين لديهم تطلعات كبيرة بعد ثلاث سنوات (منذ يناير 2011) يشعرون فيها أنهم في ضيق، وأنت ترى الناس لم يعد لهم كبير، حيث تغيرت الحدود الأخلاقية. مصر تريد شخصا يكون قدوة صالحة يعمل بإخلاص وله مصداقية عالية. الشعب المصري إذا وعدته بأقل القليل وحققت ما وعدت به في الوقت المحدد، فإنه يمنحك كل شيء. وتحقيق مصداقية في الوعود ليس أمرا سهلا مقارنة بحجم الموارد والاحتياجات، لكن لو الفريق أول السيسي لم يترشح فهنا يكون لكل حادث حديث، وموقفي سيتغير تماما.
* لكن هل توجد لديك أي شواهد تقول إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي سيرشح نفسه للرئاسة أو لن يرشح نفسه؟
– أحيانا توجد بعض التلميحات من أناس يقولون: إنهم قريبون من أسرته وإنه مصمم على عدم الترشيح. ويرد البعض الآخر بالقول إنه ربما إذا جاء رئيس آخر سيغير وزير الدفاع (السيسي)، وتأتي الإجابة على هذا بأنه «وإن يكن.. فما المشكلة؟». لكن أنا أعتقد أن السيسي يتعرض لضغط كبير جدا من الداخل المصري والخارج العربي لكي يترشح للرئاسة.. لكن حتى الآن ما زالت الأمور معلقة، وأعتقد أنه في القريب سيحدد موقفه خاصة مع قرب موعد الاستفتاء على الدستور. ولا نريد له أن يتأخر في إعلان موقف محدد بالترشح أو عدم الترشح، حتى لا يتسبب ذلك في ضغط الوقت أمام من يريد المنافسة على الانتخابات الرئاسية، خاصة أنه توجد حملة حاليا تقول بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وبالتالي أخشى أن تكون فترة انتخابات الرئاسة مضغوطة.
* في حال عدم ترشح السيسي، من هم أقوى المنافسين أمامك، خاصة أنه ستكون هناك شخصيات ذات خلفية عسكرية مرشحة أيضا، منهم الفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق. وهناك من المرشحين المدنيين حمدين صباحي وربما عبد المنعم أبو الفتوح؟
– المؤكد أن المنافس القوي سيكون الفريق أحمد شفيق لأنه ذو خلفية ومارس التجربة ولا بد أنه أدرك الأخطاء التي وقعت في المنظومة الانتخابية التي عمل على أساسها في الانتخابات الرئاسية السابقة، وتجنب نقاط الضعف والتركيز على نقاط القوة. لكن البعض الآخر يقول إن جانبا كبيرا من الناخبين أدلوا بأصواتهم لشفيق في الانتخابات الماضية لأنهم لم يكونوا يريدون منافسه حينها، الدكتور محمد مرسي، وبالتالي يرون أنه ربما لن يحصل على نفس عدد الأصوات الذي حصل عليه في الانتخابات السابقة.
* في انتخابات الرئاسة الماضية استندت على حزب السلام الاجتماعي، فعلى من ستستند في انتخابات الرئاسة 2014؟
– أنا لم أستند على حزب السلام الاجتماعي، وإنما استعنت باسمه لاستكمال الإجراءات الخاصة بالترشح للرئاسة في 2012. لكنني في الانتخابات الماضية تلقيت اثنين من الوعود للإنفاق على الحملة الانتخابية، لكن للأسف أخلفوا.
* هل كانت الوعود من جهات مدنية؟
– نعم.. مدنية طبعا. المهم أن هذه الوعود لم تتحقق وأصبح الدعم محصورا. ولم نكن نتوقع أن جماعة الإخوان ستتقدم بمرشح للرئاسة وقتها. كما أن العملية تحولت إلى مزاد. فبعض التوكيلات الخاصة بتزكية المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2012 بدأ سعرها من 50 جنيها ووصلت حتى 400 جنيه. وفي انتخابات الإعادة في محافظة الجيزة مثلا وصل ثمن الصوت الانتخابي إلى 1800 جنيه. والبعض أشار علي أن أنسحب من المنافسة وقتها لكنني رفضت، لأن مهمتي كانت أن أوضح للمصريين بقدر الإمكان ما ينبغي عمله من أجل مستقبل أفضل.
* وماذا فعلت بعد فوز مرسي؟
– بعد فوز مرسي، قلت هذه رغبة الشعب، وبدأت أكتب مقالات عن التعليم والفقر والتنمية، واعتبرت أن هذا من واجباتي تجاه وطني، واستمر ذلك إلى أن أصدر مرسي الإعلان الدستوري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 الذي أعطى فيه لنفسه صلاحيات واسعة. وهنا بدأت في العمل ضده، لأنه اتضح أن هذا النظام بدأ يسفر عن وجهه الديكتاتوري، وهو أمر كان متوقعا. وفي الوقت الحالي، وإذا لم يترشح السيسي، فإنني سأقدم نفسي باعتباري أكثر المرشحين الذين خاطروا من أجل التخلص من نظام مرسي، بينما أصبح هناك من يطلقون على أنفسهم لقب «مرشح الثورة» بينما هم تواروا تحت المكاتب أثناء وقوفنا منذ شهر أبريل 2013 ضد حكم الإخوان.


.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *