أخبار عاجلة

كيف ننقذ اللغة العربية من أسباب الاندثار ؟!

لا بد من التنبيه على أن اللغة العربية تتدهور ومصادر دعمها وأهمها الترجمة والتفاعل مع اللغات الأخرى تجف. صحيح أن اللغة تنمو وتزدهر بازدهار الأمم الناطقة بها، وأن الأمة العربية تمر بأسوأ أوضاعها وهوانها فى الوقت الراهن ولذلك فإن إنقاذ اللغة فى الوقت الذى تنهار فيه الأمة مهمة بالغة الصعوبة. ولا يجدى نفعاً تلك النصوص الباهرة التى تحفل بها الدساتير العربية وآخرها الدساتير المصرية قبل ثورة يناير وبعدها. فهذه الإجراءات وكذلك جمعيات حماة اللغة والتغنى بأمجاد العربية لغة الضاد، لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة لا يعكس مطلقاً ولا يستنهض الواقع المتردى. وإذا أردنا أن نشخص المشكلة وأن نضع لها علاجاً ناجحاً فلابد أن ندرس التطورات التى أدت إلى تدهور اللغة العربية فى مصر بشكل خاص، وخطورة ذلك أن مصر كانت ذات يوم هى مصدر الإبداع فى اللغة وغيرها، كما أن مصر تصدت بحملات قوية دفاعاً عن اللغة ضد محاولات المستعمرين والمستشرقين والمتصهينين لإحلال اللهجة العامية المصرية محل اللغة العربية الفصحى لأن هذه اللغة هى العمود الفقرى للتواصل بين مصر والعرب فى كل مكان، وقد انعكس ذلك بشكل خاص فى تسلل اللهجات فى دول عربية أخرى إلى محافل الترجمة. وقد وصل الحال فى مصر إلى درجة يستحيل معها السكوت ولكن العلاج يقتضى شجاعة المواجهة حتى ننقذ لغتنا وهى أولى لنا وأمانة فى أعناقنا ولذلك فإننى أحمل هذه الأمانة إلى الجميع. بلغ الوضع فى مصر حد أن بعض كبار الكتاب يخطئون فى مقالاتهم الصحفية، وهذا يعنى إما أن الكاتب لا يجيد قواعد اللغة فيتولى مراجع الصحيفة تصحيح زلاته، أو أنه خطأ مطبعى وهو أيضاً المسئول عنه فلا يضع اسمه على مقال مرصع بالأخطاء القاتلة، حتى لا ينقل هذه العورة إلى قرائه، فكذبة الخطيب بلقاء، والصحافة من أهم مصادر التوجيه وتعليم اللغة، وإذا كان التوجيه قد انحرف فلا أقل من أن تظل اللغة سليمة. وقد نبه المرحوم أنيس منصور الكتاب من الأخطاء المطبعية ولكنه استنكف أن يحاسبهم على جهلهم فى اللغة. القدوة الثانية هى المعلم والكتاب، حيث يتم تخريج آلاف المعلمين إما لتدريس اللغة العربية أو أنهم يقومون بتدريسها من أى تخصص آخر حتى صارت مادة اللغة العربية تئن إلى الله مما تعانيه، وهو بالمناسبة شأن لغات أجنبية أخرى يقوم بتدريسها من لم يعرف شيئاً عن هذه اللغة، ففسد التعليم، ولا أظن أن حماة اللغة العربية لديهم خطة شافية لاستنقاذ اللغة العربية. القدوة الثالثة هى الإعلام الذى يمتلئ صخباً سواء من مقدمى البرامج أو الضيوف أو المراسلين للقنوات الفضائية. وأو أن أنبه فى هذه الخصوصية إلى أن الإذاعة والتليفزيون البريطانى وسكاى نيوز وغيرها من القنوات الأجنبية فى مصر تسلل إليهم هذا الداء، لأن المنتج المصرى هو الذى تدهور بل إن بعض القنوات الحكومية وهى تبث شريط الأنباء تخطئ فى قواعد اللغة. فالصحيفة والتليفزيون والمدرسة والجامعة والكتاب والإعلام بشكل عام، وهى مصادر تداول واستخدام وتعليم اللغة العربية فى جانب، يقابلها فى الجانب الآخر مصدران أخطر مما سبق وهما السبب فى تدهور اللغة وعدم احترامها، وهذه المصادر هى:
1- الأعمال الدرامية التى يستخف فيها الممثلون باللغة وكذلك تناقل الجهل اللغوى فى مواقع التواصل الاجتماعى حيث يترك الناس على راحتهم للتعبير بأى طريقة، وأظن أن هذا الباب بما فى ذلك تعليقات القراء على مواقع الصحف والفضائيات المختلفة يجب أن يتوجه الاهتمام اليه، لأنه يخاطب الكافة بمن فى ذلك الذين لن ينالوا قسطاً وافراً من التعليم وإنما كان حظهم فى امتلاك أدوات التواصل متاحاً.
2- جهل القيادات السياسية باللغة العربية خطير وهناك مئات الأمثلة التى لا نريد الخوض فيها منعا للإحراج فى الحاضر والماضى، ولا يمكن أن يقبل فى ذلك عذر لأن هؤلاء المسئولين فى الدولة والأحزاب والشخصيات العامة لم تكن اللغة العربية فى برامج دراساتهم، ولذلك فإننى اقترح أن تصبح إجادة اللغة العربية شرطاً رئيسياً فى تولى المناصب القيادية والسياسية ابتداء من منصب رئيس الجمهورية فلا يعقل أن يكون رئيس مصر بالذات وهى قلب العروبة ومصدر الوهج الثقافى جاهلا باللغة.
3- يجب الاهتمام باللغة العربية فى المدارس والجامعات الخاصة المصرية والأجنبية وهذه مسئولية الدولة التى يجب أن تفرض مناهج اللغة بالقدر الكافى وكذلك أن تراجع المواد التاريخية والقومية فى الجامعات الأجنبية فى مصر حتى لايقرأ أبناؤنا تاريخنا – رغم الاضطراب الخطير فيه – بأقلام مسمومة.
وختاماً فإن إجادة اللغات الأجنبية ليس بديلاً عن إجادة اللغة العربية والعرب وخاصة المصريين هم الأمة الوحيدة التى تخطئ فى لغتها بشكل يدعو إلى سرعة التدخل لعلاجها. أما أساليب العلاج فهى تشمل تفادى السقطات التى أشرت إليها كما تشمل إدخال اللغة العربية إلى مدرك المواطن منذ الصغر، وأن يكون ذلك عقيدة المجتمع وليس مجرد الإكثار من حصص اللغة العربية أو جعلها من المواد الأساسية فى الدراسة، فرغم أنها مادة أساسية إلا أن الدراسة فيها لم تصقل اللغة، وأحد أهم مداخل صقل اللغة هو الكتاتيب وتحفيظ القرآن الكريم حتى يستقيم اللسان والوعاء والعقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *