د.سيد نافع يكتب… “الاعلام والدجل السياسي للعام الجديد..”

كل عام وفي الاسبوع الأخير وقبل بداية العام الميلادي الجديد تتسابق القنوات لاستضافة ما يسموا بخبراء علم الفلك والتنجيم الذين يستغلوا في الغالب حسهم السياسي لتحليل الأحداث والإخبار بما سيحدث في العام الجديد رابطين الغيب بالنجوم وكذلك طوال العام تجد علي بعض الفضائيات برامج وخطوط للاتصال بهؤلاء الخبراء لتعرف مواصفات شخصيتك من خبير أو خبيرة الفلك والغريب لا تجد بيان من الأزهر يجلي حقيقة هذا الهراء ولا تجد أحد من علماء الدين يتصدوا لهذا الأمر في اي برنامج ويتركوا الناس عرضة للتنجيم والجهل
ما أصل والحقيقة هذا الأمر ؟ وهل لأحد القدرة علي علم الغيب أم استقراءة وهو مجرد توقع من تحليل الأحداث ؟
التنجيم هو تخمين محض والإيمان به جهل ، فهو تخمين كالإنسان الذي يخمن أن السماء ستمطر اليوم عندما يرى الغيام وتقلب الجو وهذا قد لا يحدث قطعياً ، فربما يحمى النهار بالشمس وتنقشع الغيوم ويصحوا الجو وكذلك كتخمين الملاح أن السفينة تسلم اعتماداً على ما ألفه من العادة في الرياح فتارة يصيب في تخمينه وتارة يخطئ وعلم التنجيم لا فائدة منه وهو يعتمد علي حسابات فلكيه ويربط ذلك بتاريخ الميلاد وأحياناً اسم الأم فقراءة الكف والأبراج وما شابه ذلك هو خوض فيما لا ينفع وتضيع العمر في غير فائدة لذلك جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم ﴿ من أتي عرافاًً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ﴾ فهو يستغل في الكشف عما سيحدث في المستقبل من حوادث استناداً إلى معرفة سنة الله تعالى وعادته في خلقه أي أنه مجرد تخمين حرمه الشرع .
** وأسباب ذم هذا الأمر : انه مضر بالعقيدة فإذا اعتقد الإنسان أن هذه الآثار والأحداث تحدث نتيجة لسير الكواكب ومطالعها وقع في قلوبه أن الكواكب هي المؤثرة وأنها آلهة مدبره ويعظم شـــــــأنها في القلوب فيبقى القلب ملتفتاً إليها ويري الإنسان الخير والشر محذوراً أو مرجواً من جهتها وينســي ذكر خالقها ومسيرها فيضعف القلب وتختل العقيدة ويختل فهم قضية القضاء والقدر فكل انسان مقدر أمره وله تقدير خاص به من أجل ورزق وهل هو شقي ام سعيد بمعني من أهل النار أم من أهل الجنة فالشقاء والسعادة هما شقاء وسعادة الآخرة وليس الدنيا والإنسان هو الذي يخط قدره بيده
ولا يعتبر التنجيم علماً فالعلم لابد له من مصادر وأدلة وقياس وإلا فعلي أي شيئ يستندون عليه وهل كل اصحاب البرج قدرهم واحد ؟
فقال صلي الله عليه وسلم ﴿ إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا ﴾ رواه الطبراني من حديث ابن مسعود ، وقضية القدر لأن فيها المحكم والمتشابة بشكل كبير وتحتاج الي فهم جيد ورصين ولا يجيد فهمه الكلام فيه الكثيرون أما النجوم والتنجيم فهذا شأن آخر الإيمان به كفر
وقال صلي الله عليه وسلم ﴿ أخاف على أمتي بعدى ثلاثاً حيف الأئمة والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر﴾ وقال صلي الله عليه وسلم ﴿ كذب المنجمون ولو صدقوا ﴾
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ﴿ تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم أمسكوا ﴾ .
قالت عائشة رضي الله عنها سأل أناس رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الكهان { العرافين والمنجمين } فقال : ليسوا بشئ . قالوا يا رسول الله فإنهم يحدثون أحياناً بالشيء يكون حقاً ، قال : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة { أي صوتها } فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة . رواة البخاري ومسلم
والكاهن هو من يدعي علم الغيب في الإخبار بما يكون في الأرض ، وقد كان في العرب كهنة مشهورون كشق و سطيح بعضهم يزعم أن له تابعاً من الجن يأتيه بالأخبار وبعضهم يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات يستدل بها ككلام السائل أو فعله أو حاله وهم كالعرافين الذين يدعون معرفة مكان الأشياء المسروقة ومكان الضالة ونحوهما .
– وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : أخبرني رجل أنصاري من أصحاب النبي أنهم بينما هم جلوس ليلة مع النبي رُمي بنجم فاستنار { أي وقع نجم فأنار الأرض ( الشهب والنيازك ) هي ظاهرة كونية منذ الأزل جعلت بعد البعثة النبوية حراسة لأخبار السماء } ، فقال لهم الرسول ( ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رُمي بمثل هذا ؟ ) ، قالوا كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم أو مات رجل عظيم .
فقال رسول الله : ﴿ فإنها لا يرمي بها لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا تبارك وتعالي إذا قضي أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتي يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر أهل السماوات بعضهم بعضاً حتي يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فتخطف الجن السمع فيقذفون إلي أوليائهم ويرمون به ، فما جاءوا به علي وجهه فهو الحق ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون ﴾ رواة الشيخان والترمذي
والله أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *