تميز الإسلام منذ بدايته بأنه ديناً يُنظم العلاقة بين الإله كخالق وبين الإنسان كمخلوق ، فقد قام محمد صلي الله عليه وسلم منذ بداية نزول الوحي “القرآن الكريم” , بتنظيم المسلمين في شكل جماعات برزت منذ أيام إضطهاد قريش للمسلمين لتتطور إلى مُجتمع وما يشابه الدولة في المدينة المنورة . وهناك تّتابع نزول الوحي مُنظماً علاقات الأفراد المسلمين ” مهاجرين وأنصار” بين بعضهم البعض وبين أفراد الأديان الأخرى ” اليهود في المدينة”، وكل هذا يجعل من الإسلام ديناً جماعياً . حتى أن عباداته بمُجملها تقوم على فكرة التضامن في المجتمع . إضافة إلى تحديد علاقة الإنسان مع الخالق والطبيعة، مما يجعله ديناً ذا جانبين : روحي ديني، واجتماعي سياسي .
و من الواجب علينا قبل ان نخوض في علاقة الدين بالدولة وشكلها في الإسلام , أن نُعرف ماهو الإسلام وما هيا الدولة , وفي الحلقات السابقة أسردنا تعريف الإسلام وماهيته التى بينت كم التسامح والرحمة والمواطنة في جوهره .
-اما تعريف الدولة : فلها عدة تعريفات لعل أكثر التعريفات إنتشاراً : إنها كيان سياسي و قانوني منظم يتكون من مجموعة من الأفراد الذين يقيمون على ارض محددة و يخضعون لتنظيم سياسي و قانوني و اجتماعي تفرضه سلطة ما عليها .
أو هيا : مجموعة من المؤسسات التي تنظم حياة مجتمع معين في بلد معينه ، بحيث تمثل عدة أجهزة تُشرف على مناحي الحياة السياسية والإقتصادية والعسكرية والإدارية .
وبعد توضيح معني الإسلام والدولة سنقوم بتوضيح ,,, علاقة الدين بالدولة في الإسلام :
– إن الدين الإسلامي حدد الإطار والمقاصد التى تكون بها السياسة ، حتى وإن كانت من إبداع البشر لا من وحى “الشرع”, كما أن السياسة في الإسلام هيا تلك التى تتسق مع مقاصد الشريعة الإلهية، مُحققة العدل الذى أرسل الله رسله وأنزل كتبه لتحقيقه ، حتى وإن تضمنت الكثير مما لم يشرعه الرسول ولا نزل به وحى ، لأن ” السياسة والدولة ” لا تقف عند معالم وأحكام الرسالة وأصول الدين ، لأن مجالها الأكبر وطريقها الأوسع هو مما يخضع للتطوير والتغيير مما يتميز عن ثوابت الدين الذى أكمله الله ، فتنزه عن التطور والتغيير .
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان فى مكة مُرسلاً ونبياً يُبلغ أحكام الدين عن الله إلى الناس، ولم يكن قائداً سياسياً لمُجتمع سياسى مستقل , فقال صلي الله عليه وسلم “فما كان من أمر دينكم فإلىّ، وما كان من أمر دنياكم فشأنكم به، وأنتم أعلم بشئون دنياكم” وهذا ما لم نراه ولم يلتزم به حكماء المسلمون بعد عصر الخلافة فلقد جعلوا السياسة ديناً خالصاً ، وأوجبوا للإمام عصمة الأنبياء .
ومما لاشك أن عصرنا الحديث ابتلي بآفة تقليد ما يسمي بـ “العلمانية الأوروبية”، وغفل الفريقان القائلون ” أن دولة الإسلام: هى دين خالص ، والقائلون : أن الإسلام دين لا علاقة له بالدولة – عن أن للإسلام نهجٌ مُتميز، يرفض الكهانة ,ووحدة الدين والدولة , والسلطة الدينية , والدولة الدينية , والحكم بالحق الإلهى “، ويرفض فى الوقت ذاته، نقيض هذه الكهانة، “العلمانية” التى تفصل الدين عن الدولة فصلاً تاماً، وتدعُ ما للحاكم للحاكم وما لله لله .
إذاً فإن الإسلام وضع المبادئ والقواعد العامة للدولة , وترك باب الإجتهاد في شكلها مفتوح مشترطاً بتنفيذ ما نص عليه الإسلام في حق المواطن من العدل والرحمة وحقه في توفير إحتياجاته ومطلباته وإقامة مجتمع رشيد مُتقدم يُحقق جوهر الإسلام في سلوكه ومعاملاته مهما إختلفت تركيبة هذا المُجتمع
وإذا كانت تلك هيا علاقة الدين بالدولة ,, فما هيا شكل العلاقة بين الدين والمُجتمع ؟!!!
إنتظروا الحلقة القادمة من سلسلة ” الإسلام الذي لا يعرفه المتشددون
رابط الحلقة الأولى ” المتطرف وطريقته فى الاعتقاد ” http://a7walmasr.com/show-5810.html
رابط الحلقة الثانية ” ماهية الإسلام ” http://a7walmasr.com/show-5946.html
رابط الحقة الثالثة ” ماهية الإسلام وعالمية رسالته وجوهره ” http://a7walmasr.com/show-6187.html