إصلاح التعليم المصري بين النظرية والتطبيق

أننا أمة نظرية بل أستاذة في التنظير وتفنيد الأسباب ومعرفة جذور المشكلات وأبعادها. فمكتبات كليات التربية تحتوي علي الآلاف الرسائل والأبحاث العلمية الرائعة في مجال المناهج وطرق التدريس، وتكنولوجيا التعليم ، وإعداد المعلم …… الخ ولكن أين التطبيق لهذه البحوث والدراسات في الواقع ؟؟ التي تشكو حالها علي أرفف المكتبات !
لكننا حين نقول: ما هو الحل؟ نقف جميعاً عاجزين منكسرين يائسين لأن الحلول دائماً تحتاج إلي أمةٍ عملية تعرف العزم تعرف الكفاح تعرف المواصلة حتى النهاية لتحقيق أهدافها المنشودة. أمة تتكلم قليلاً وتعمل كثيراً بل وتعشق العمل ولا تستحي من تصحيح أخطائها.
ضاع التعليم حينما تخرج من الجامعات معلماً اعمي البصيرة لا يعرف كيف يربي كما لا يعرف كيف يعلم ، وكانت الكارثة الحقيقية. حينما رأينا مدرساً لا يتقن الإملاء وآخر لا يعرف شيئاً عن مادته …. الخ أننتظر أن يخرج لنا تلاميذ نجباء أو مبدعين عظماء؟!
لا ينبغي أن نلقي اللوم علي المعلم وحده فالتعليم يرتكز على ثلاثة محاور هى المعلم والطالب والمنهج فإن محتويات المنهج وآليات تطبيقاته لابد تأخذ مجالا واسعا من الاهتمام .
فمناهجنا التعليمية ظلت ومازالت محل خلافات بين الكتل السياسية رغم التعديلات المستمرة ومحاولات الترقيع والتغيير من أجل التهدئة أحيانا وتجنب الخلافات السياسية أحيانا أخرى، فهذه التعديلات على كثرتها لها تأثيراتها السلبية على الساحة التربوية.
ومن خلال التشخيص الميدانى للمناهج وتطبيقاتها، خصوصا نتائج الاستطلاعات الميدانية تكشف إننا مازلنا نعيش أحلام اليقظة والوهم، فالتخلف فى هذه المناهج يزداد يوما بعد يوم، خصوصا وإن الناس تتحدث عن عدم مواكبة المناهج لمستجدات العصر، وإن هذه المناهج لا تساهم في حل مشكلات المجتمع، فضلا عن إنها تخلق خلافات فكرية ومذهبية كثيرا ما يتجادل عليها الناس، خصوصا فى المجالات الاجتماعية والتاريخية والسياسية والدينية.
والمعلوم إن أكثر مشكلات المنهج ترتبط بنوعية محتوياتها وطرق تدريسها فى المؤسسة التربوية، إن تحقيق كفاءة عالية أو نموذج مثالى فى المنهج يشكل تحديا كبيرا ما دامت المتغيرات مستمرة والحاجة إلى المواكبة متعثرة، فالذى نعانيه من سلبيات فى مناهجنا تعود لأسباب عديدة أثرت فى تدنى المستوى العلمى والقيمى للطالب.. وللاستدلال على ذلك علينا إن نطلع على نتائج الدراسات السابقة التى تؤكد الضعف العام فى ترسيخ قيم المواطنة والولاء، والعنف والغلو فى الفكر لدى الشباب،وحشو للمعلومات، وضعف فى التحصيل، وخلل فى التدريس وغيرها من قضايا حيوية لا نوليها عناية فائقة رغم علمنا بأنها مؤثرة سلبا فى استقرار المجتمع، خاصة وإننا نعيش أزمة تمدد الطائفية والقبلية، وانتشار الكراهية والازدراء، وعدم التسامح، والالتفاف على القانون بمخالفته وعدم تطبيقه وغيرها من مظاهر الفساد والاعوجاج الكثيرة، ناهيك عن استغلال الشباب فى ما يسمى بالحراك السياسي الذي يهدف إلى الإساءة والاستقرار فى المجتمع.. 
ليست المشكلة في وضع النظريات والخطط ولكن المشكلة في العزائم التي تطبق والرجال الذين يخلصون لله ولدينهم ولوطنهم ويتقون الله في أجيالنا القادمة .
فلا بد من البحث عن الحلول العملية والسعي في تحقيقها ومحاسبة المقصرين في القيام بواجبهم لتنصلح منظومة التعليم وإلا فنحن ننفخ في رماد، ونحرث في الماء.
إن الشعور بالمسئولية، والقيام بواجباتها هو الحل الأوحد لإصلاح التعليم بل لنهوض الأمم وارتقائها ،، كما قال حبيبنا صلي الله عليه وسلم “كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *