عشوائيات المكان والإنسان

طوال السنوات الماضية منذ أكثر من خمسة عقود من خلال الملاحظة السياسية والمجتمعية وجد أن الإنسان المصري يعيش عشوائية غريبة ولم يعد المكان والوطن هو الأمان أو عنصر جذب لأى إنسان بل أصبحت مصر طاردة لأبناءها .
مصر قبل 1952 كانت جاذبة للإنسان المصري والأجنبى ، قابلة لتكوين المجتمع الآمن الذي يحتوي طاقاته الداخلية لم تكن دولة صناعية بقدر ما كانت دولة زراعية وقد تفوقت من خلال عدد من الزراعات كالأقطان فغزا القطن المصري العالم شمالا وجنوبا وبدلا من التوجه ليكون أصل البنيان هو الإنسان أصبح التوجه لبناء المؤسسات لبناء الكيان دون النظر لأساس البنيان أى إلى البانى فكان :-
أولا :- تهمييش دو المعارضة بل إقصاءها تماما من المشهد السياسي
ثانيا :- عدم تداول السلطة بين الجيش والمدنيين أو بين قيادات الجيش تأكيدا على احتكار الجيش للقيادة .
ثالثا :- تأليه الحاكم فبدلا من النظام الجمهوري أصبح الأمر فى حقيقته نظاما ملكيا وبالنظر إلى جمال عبدالناصر فلم يترك الحكم إلا بعد وفاته ثم أنور السادات الذي أقصى عن الحكم باغتياله ثم حسنى مبارك الذى ترك الحكم بعد خلعه بثورة25 يناير .
وهؤلاء هم من ارثوا مبدأ الدولة العسكرية بشكلها الجمهوري وجوهرها الملكى فقد صدقت المقولة ” شالو ملك جابو ألف ملك “
ومن هنا كان الإنسان لا قيمة له وأفرز الإهمال الشديد للإنسان أن يصل إلى مرحلة الثورة فقد ثار على الفاشى العسكري واستطاع بثورة جارفة ابهرت العالم فى 25 يناير بإزاحة الفاشية العسكرية ولكن هيهات من حكم الدولة أكثر من خمس عقود أن يفرط فيها هكذا بسهولة ويسر فيجب أن يستفيد النظام مما فعله سلفه فكانت عشوائية الفكر التي فوجئنا بها تظهر وتطفو على السطح الملئ بالغليان لتبدأالمسلسلات السياسية على الإنسان المصري من اتفاقات تجرى فى الظلام بين الدولة العسكرية والإخوان المسلمين وكالعادة فرح الفأر الحبيس بقطعة الجبن وجرى وراءها بل وأكلها مسمومة برغبة منه ودافع وحلم بأن يقود العالم فكانت نهاية غباءه دماء فى الطرقات وتمزق فى المجتمع المصرى بين أم ثكلى وزوجة أرملة وطفل يتيم ومعتقلين ومحبوسين .
تعقد المشهد السياسي ويبقى المعادل الثوار الحقيقيين الذين لم ينجروا وراء قطعة الجبن صامدون يزيحون الفاشية العسكرية ثم الفاشية الدينية ثم يكملون المسيرة لبناء الإنسان .
والسؤال الآن هل سيستمر الصراع بين الأنقياء الذين لم يلوثوا بسلطة أو منصب أو السعى وراء المصالح أو الوهم المعروض عليهم من الدولة العسكرية أو سيتم وئد الثورة والثوار الحقيقيين والقضاء عليهم ويعود المشهد السياسي مرة أخرى بين الدولة العسكرية والدولة الدينية تلك هى اللعبة القديمة الحديثة لنصل إلى مزيد من العشوائية فى الفكر والمكان فيضيع الإنسان إلى متى؟؟؟
أظن الآن كل منا لديه إجابة ولندع المكان والأحداث والإنسان ليسطر التاريخ المقبل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *