أخبار عاجلة

ابراهيم الصياد يكتب… الأخبار وتأملات في القرآن ( 15)

نرى ان النص القرآني – من حيث اللغة والمعنى – يعد نموذجا فريدا في فنون ومهارات الكتابة الاعلامية لا سيما في مجال تحرير الأخبار بعبارة اخرى يحتوي القران الكريم على معالم مضيئة, يمكن الاسترشاد بها لوضع أسس مهارات بعض الجوانب والمفاهيم في فن التحرير أو الكتابة الصحفية , والتي سبق بها الغرب بأكثر من 14 قرناً من الزمان.
ومن أمثلة السبق القرآني انه أتى بقاعدة عناصر الخبر أو ما يعرف( w5 & h) قبل ان ياتي بها الغرب الذي تعتبر مراجعه مصادر البحث في اغلب البحوث والدراسات الاعلامية …!.
اذا اعتبرنا ان الخطاب القرآني خطابا خبريا فان اي سورة من سور القران الكريم تنطبق عليها هذه القاعدة بما في ذلك ترتيب العناصر حسب اهمية العنصر . وهو ما نطلق عليه قاعدة عناصر الخبر بمعنى ان الخبر لابد ان يجيب على عدد من ادوات الاستفهام :
Who من هم اطراف الخبر
When زمن وقوع الخبر
Where مكان وقوع الخبر
Why اسباب أو علة وقوع الخبر
What محتوى الخبر
بالاضافة الى الكيفية التي وقع بها الخبر How
اذن قاعدة ( 5w&h) موجودة في الخطاب القرآني ودعونا بشكل عشوائي نتأمل احدى سور القران الكريم ولتكن سورة الزلزلة ونطبق القاعدة عليها :
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
البحث عن القاعدة :
Who
الله والانسان
When
قيام الساعة
Where
الأرض
Why
امر الله بانتهاء الحياة على الأرض
What
تنتهي الحياة بمظاهر مختلفة
Why
حتى يحاسب الانسان
How
زلزال قوي أو ما شابه ينهي الحياة .
دعونا ننتقل الى سورة اخرى واترك لكم تطبيق القاعدة وفق ما ترون انتم …..
وفي أول سورة البقرة حاول ان تتأمل الخمس آيات الأولى وابحث عن القاعدة :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون(5)
ولكن قاعدة عناصر الخبر ليست فقط هي اساس التحرير الاخباري انما يعد النسق أو الصياغة احد فنون الكتابة الاعلامية وقد قدمه لنا القرآن الكريم بوضوح وهو الكتاب الجامع لعلوم الاولين والاخرين. بمعنى انه يعطيك بمقدار ماتعطيه, ويفتح عليك في كل مرة بإشعاعات, وإشراقات, وإيحاءات, وإيقاعات بقدر ما تنفتح له نفسك, ويبدو لك في كل مره تقرأ القران تجد ان هناك امرا جديدا .
ويمكن القول إن القرآن الكريم كتاب إعلامي نزل بالحق لتحقيق غرض معين وهو الدعوة إلى الله تعالى ،وتثبيت عقيدة الوحدانية،ووضع التشريعات التي تنتظم بها شؤون الدنيا والآخرة لكننا لو دققنا النظر سنرى انه رسالة كما ان الاعلام هو ايضا رساله مع الفارق بين رسالة الخالق ورسالة المخلوق .
وثبت ان هناك وسائل يجب ان تسلكها لتبيان رسالة القران الكريم منها :
• الحوار المنطقي .
• الموعظة الحسنة .
• وقصص الأنبياء وقصص أخرى.
• مناقشة المواقف والقضايا التي تعرض للناس. وهنا نقول
يعتبر القرآن الكريم أكبر وسيلة من وسائل الإعلام، تقدم رسالة لجمهور المتلقين .
وقد تحدى الله تعالى الناس جميعا أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورة أو بآية أو آيات منه !.
فالإعجاز في القرآن هي الحقيقة الإعلامية الخالدة،حيث يستعين باللغة الفصيحة والعبارة البليغة الواقعية القادرة على غزو القلوب والعقول ،مما جعله حتى اليوم الوسيلة الإعلامية التي تحقق وحدة الفكر الإنساني .
ونستنتج من ذلك أن القرآن الكريم ظاهرة تاريخية منفصلة عن العصر الحاضر أي أنه لم يتوقف تأثيره عند صنع الأفكار و تعيين العادات والتقاليد والتأثير في النفوس في فترة محددة و معينة ،بل إنه لا يزال محتفظا بالدفاع عن أصالته وثباته وقدرته على المعاصرة .
والقرآن الكريم يتميز بمقومات خاصة في الجانب التعبيري، تتمثل في الآتي :
1- تنوع الأداء وواقعية الأدوار.
2- البيان المعجز.
3- التزام الصدق.
4- المواجهة الصريحة والاهتمام بالسلوك.
5- الشمول لمختلف القضايا والمواقف المتعلقة بشؤون الإنسان في الدنيا والآخرة .
6- تقديم الحقائق العلمية في قدرة الإنسان على الاستيعاب .
7- اتباع أسلوب الأداء الأمثل في التنوع والتغيير.
فهل لدى الرسالة الاعلامية القدرة على الاستفادة من رسالة القرآن ؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *