أخبار عاجلة

محمد يوسف العزيزي يكتب… تسقط مدام سميحة !

عمار يا مصر 
مع الاعتذار لكل سيدة فاضلة أسمها سميحة .. فالعنوان ينصرف فقط إلي الرمز .. فبعد أن كانت سميحة من زمن بعيد (عروسة مسخوطة ) تستبدل بها الزجاجات الفارغة ليفرح بها الأطفال .. أصبحت سميحة مصدر إزعاج وقلق وإرهاق لكل من يقترب منها أو يتعامل معها .. تحولت سميحة من مصدر رزق إلي ( خميرة عكننه ) بوجهها الكئيب وصوتها الحاد الآمر الناهي بسبب وبغير سبب مستخدمة القانون أحيانا ، ومتدثرة بالبيروقراطية وعفن الروتين كل الأحيان الباقية وكأنها الحارس الأمين علي تعطيل مصالح الناس ووقف كل المراكب السائرة !
سميحة التي أطالب بإسقاطها تقبع خلف مكاتب دواوين الحكومة.. التكشيرة تكسو وجهها ، وتعقيد مصالح الناس يبدو من نظرات عينيها ، ولسانها الذي يتحدث إليك بقرف واشمئزاز وكأنك تطلب منها إحسانا في ذل وانكسار لا يتوقف عن إصدار التعليمات إليك .. ( هات كذا .. روح لفلان .. اسأل علان .. اطلع فوق .. انزل تحت .. فوت بكرة .. اصبر شوية لما أرد علي التليفون .. حاضر يا حبيبتي أخلص اللي في إيدي وأرد عليكى .. وبعدين .. وبعدين بلاش دوشة .. اقفوا طابور .. اطلعوا بره المكتب علي الطرقة .. مش عارفة اشتغل .. لأ يا أستاذ مينفعش .. الموضوع مش عندي .. ده قانون يا أستاذ .. اتكلموا بذوق شويه .. أنا مبشتغلش عندكم .. أنا بشتغل في الحكومة .. فاهمين … الخ ) 
مدام سميحة في المعاشات أوقفت صرف معاش الكاتب الكبير وديع فلسطين الذي تجاوز عمره ال90 عاما حتى تراه رأي العين ويقف أمامها لتفحصه وتتأكد أنه ما زال حيا يرزق لأن قانونا كان قد تم إلغاؤه يوجب علي من يصرف معاشا أن يتقدم للمكتب التابع له ليثبت أنه لسه عايش ، ومع ذلك سميحة ما زالت متمسكة به ! 
سميحة أصرت أن يصعد إليها وديع فلسطين في الطابق الثالث ، ولم تسمح أن ينزل له موظف من مرؤوسيها ليتأكد أن الرجل علي قيد الحياة .. صعد الرجل بمساعدة سيدة وكاد يلفظ أنفاسه من التعب .. سميحة القابعة خلف مكتب العفن نظرت إليه نظرة فوقيه فيها استعلاء كبير ولم تسمح له بالجلوس ليستريح .. وديع عاد لبيته مع موعد باستعادة صرف المعاش !
سميحة بتاعت التأمينات والمعاشات التي قهرت وديع فلسطين .. هي سميحة الشهر العقاري ، وهي سميحة مكاتب الصحة ، وهي سميحة الإدارات التعليمية وهي سميحة مكاتب التموين ، وهي سميحة كل ديوان من دواوين الحكومة يتعامل مع الناس خصوصا هؤلاء الذين لا يملكون نفوذا أو مالا أو جاها !
مدام سميحة في المحليات ومجالس المدن حدث ولا حرج .. الدخول معها في جدل قد يزهق روحك أو يدفعك لارتكاب حماقة تصل إلي جنحة أو جناية .. فهي تلتحف بالقانون والقرارات واللوائح وأنت تقف عاريا وفي العراء .. ولو كان عاجبك !
سميحة تتحدي أن يرغمها أحد علي فعل شيء ليس علي هواها .. سميحة أيضا تدرك أن أي عقاب لن يفقدها وظيفتها لذلك تتمادي في غيها .. سميحة تعلم أن أقصي عقاب هو الخصم من المرتب وهذا مقدور عليه ويتم تعويضه أو النقل إلي إدارة أخري في نفس الوظيفة ! 
سميحة لازم تسقط .. لازم تنزل .. لازم تترك مكانها .. سميحة وقضاء مصالح الناس علي طرفي نقيض .. سميحة وتدفق الاستثمار لا يلتقيان .. سميحة ومعدلات الإنجاز العالية في خصومة من زمن بعيد .. سميحة تهدد السلام الاجتماعي وتنشر الإحباط وتملأ النفوس باليأس !
قصة الكاتب وديع فلسطين مع المعاشات كاشفة للروتين الذي يجب نسفه ، وللعقول التي تحتاج إلي تغيير وتدريب وإذا رفضت أو فشلت فالبيوت لها أفضل .. هل اعتذار الوزيرة للكاتب يكفي ، وهل باقة الورد والشيكولاته غيرت الروتين أو أعطت للكبار حقوقهم الضائعة ، وماذا عن الآلاف من الغلابة والكبار الذي يعيشون مرمطة مدام سميحة يوميا ولا تعرف عنهم الوزيرة شيئا ؟ 
يا سادة .. البشر اخترعوا القوانين لتنظم حياتهم ، وتجعل الجميع أمامها سواء لا أن تعذبهم وتقهرهم بفعل بشر مثلهم .. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، ولتسقط مدام سميحة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *