أخبار عاجلة

د.مجدي العفيفي يكتب… ولا يزال يوسف إدريس.. حيا !

يظل المبدع هو الأطول عمرا والأبقى أثرا والأغزر فكرا.. وتظل الثقافة أسبق من السياسة.. ويظل المثقف هو زرقاء اليمامة بحدسه وحسه ونفسه.. بقلمه وألمه وأمله.. وبإبداعه الذي يخترق الزمان والمكان والإنسان.. والكاتب العظيم يوسف إدريس، هو أصدق برهان على هذه الرؤية. أقول ذلك في ضياء ذكرى رحيله عن عالمنا في هذا الشهر، (19 مايو 1927 – 1 أغسطس 1991) والاحتفال بذكرى كاتب كبير، هو احتفاء بمنظومة القيم التنويرية والجمالية والثورية التي تنتظم المجتمع، وتحرره من القيود التي تكبله، وتحول بينه وبين تحقق كينونته وصيرورته وسيرورته، خاصة إذا كانت هذه المنظومة الثورية يحمل لواءها، ضمن ممن يحملون ويحلمون، كاتب كبير مثل يوسف إدريس. ولقد عشت معه مرتين كشخص وكشخصية، عايشته منذ العام 1974 واقتربت منه اقترابا حميميا، ليس فقط لأنه (بلدياتي من الشرقية) وليس فقط لأنه كان في بداية مشواري الصحفي بـ(دار أخبار اليوم) مصدرا ومرجعا، ولكن أيضا لأنه كان محور دراستي للماجستير (البناء الفني في القصة القصيرة عند يوسف ادريس)، ثم عشت معه -كشخصية- في السنوات الأخيرة حين قمت بدراسة البناء السردي في رواياته في الدكتوراه من جامعة القاهرة، بعنوان (السرد في رويات يوسف إدريس)، فكان التحليق النقدي بجناحي طائر المبدع يوسف إدريس. لايزال هذا الكاتب الكبير حيا.. بأعماله التي تشكل أعمال مساحة واسعة ومتمايزة في عالم الإبداع الفني، بما تطرحه من رؤى عميقة ومتطورة للإنسان والعالم والكون، وبما تحمله من معطيات فكرية ذات مرجعيات معرفية وأخلاقية وجمالية، وبما تصوره من أبنية وأنساق فنية يفضي بعضها إلى بعض عبر منظومة متجانسة في تجلياتها السردية، على امتداد حوالي أربعين عاما، باتساع أفق 11 مجموعة قصصية، و7 مسرحيات، وتسع روايات، و13 كتابا من المقالات، في ثنايا حياة امتزج فيها الإبداع الأدبي بأوضاع الصراعات السياسية والتحولات الاجتماعية والتناقضات الإنسانية والمواقف العملية والفكرية سواء على المستوى التاريخي أو الاجتماعي، فتجلت أعماله كوحدة إبداعية واحدة على تباين أشكالها وتعدد مستوياتها. وهي وإن تشكلت منذ المد الثوري والقومي في مطالع عقد الخمسينيات، وبالتحديد مع ثورة 1952 بكل تجلياتها الواعدة، وانتهاء بمغارب عقد الستينيات وبالتحديد مع هزيمة يونيو 1967 بكل تداعياتها المظلمة، إلا أنها تخلصت إلى حد كبير من التباسات الواقع السياسي والاجتماعي لتستبقي الجوهر الأصيل الذي لا يزال يضيء بالقيم فى انسيابها عبر الزمان والمكان وتجاوزها إطار الجزئى والتاريخى إلى الكلي والإنسانى، ولذلك تبدو ذات يوسف إدريس الفنية متفاعلة ومتداخلة في ذوات الآخرين واضحة فى كل أعماله. عاش يوسف إدريس مكافحا من أجل تحقق الشخصية الإنسانية حتى يجد التعبيرالملائم عن مضامينه في صياغة الأشكال الجمالية التي أبدعتها منظومته الروائية التي تكونت ما بين عام 1957 وعام 1980 وهي الفترة التي شهدت كثيرا من التحولات في المجتمع المصري، بثوابته ومتغيراته، بل هي من أكثر الحقب في التاريخ المصري المعاصر توترا على الصعيد السياسي، وعلي المسار الاجتماعي، وعلى المشهد الثقافي، حيث تشكلت رؤية يوسف إدريس للعالم عبر عالمه من خلال إدراكه الشامل للواقع الموضوعي ككل متكامل، وهو واقع كانت متغيراته أكثر من ثوابته إلى حد كبير، وقد تخلصت هذه المنظومة الإبداعية إلى حد كبير من التباسات الواقع السياسي والاجتماعي-وإن كانت مرتبطة بلحظتها المتعينة تاريخيا- لتستبقي الجوهر الأصيل الذي لا يزال يضيء بالقيم فى انسيابها عبر الزمان والمكان وتجاوزها الإطار الجزئى والتاريخى إلى الكلي والإنسانى. اكتملت الواقعية على يدي يوسف إدريس، الواقعية بمعناها الإنساني العظيم الذي يصور الانسان والمجتمع باعتبارهما كيانات كاملة، وظلت واقعيته حريصة على ملامسة الواقع والغوص في تضاريسه، وظلت بعيدة عن معنى الواقعية الجامد، وعبر تحولات رؤيته القصصية كانت موضوعيته التي هي آية واقعيته، انطلاقا من أن الواقعية في الفنون هي الموضوعية، بمعنى أنها الاتجاه العلمي في النظر والبحث وهي في حد ذاتها اتجاه علمي في الأدب، وليست مجرد مذهب، لذلك تتحقق في نصوص يوسف إدريس المعادلة الصعبة بين كسر المذهبية الفكرية ورفض المذهبية الفنية من خلال رؤيته هو، لأن المناهج تُبلى، والمثيرات تفشل، وتظهر مشكلات جديدة تستلزم تقنيات جديدة، وما دام الواقع يتغير فإن تصويره يقتضي ضرورة تغيير الوسائل التي تصوره به فتلازم اتجاه يوسف إدريس مع التغيرات التي يشهدها المجتمع الذي كان بصيرورته الجديدة في حاجة إلى الإبداع الواقعي، فاتجهت أعماله مباشرة إلى البحث الداخلى، وإلى الدائرة المحيطة به، بمعنى أنه اتجه إلى الكائن الحى، لأنه كان يريد العثور على حقيقته أولا، على المرفأ الخاص به الذى يبحر منه إلى عالم الإبداع فكان الغوص في طبقات الذات الفردية الجماعية هو الدافع لاكتشاف الخاصية المصرية التى تؤهله لكتابة قصة مصرية، كما يتصورها هو، لا كما كانت قائمة، ومن هنا يتمثل الإنجاز الكبير ليوسف إدريس في خلق قصة مصرية جدا، من خلال البحث في جوهر الشخصية المصرية فكان المواطن المصري البسيط هو المجلّي الأساسي، كنقطة ارتكاز في إنجازه الفني. تستحضر واقعية يوسف إدريس الحياة بكل حضورها، وتبدت مقدرته في أقصى تكثيف ممكن للمحتوى الذي يتضمنه الجوهر الاجتماعي والانساني لموقف متعين، وهو ما يتجلى في أعماله التي استغرقت علاقة الفرد بالمجتمع بكل تناقضاتها، أو التي تصور علاقة الانسان بالعالم بكل تعقيداتها وتشابكها، عبر تحولاته، وظلت متجددة في كل أعماله، الأمر الذي يؤكد جرأة وجسارة يوسف إدريس في التشكيل والدلالة، بالاستيعاب العميق لمختلف متناقضات الواقع المصري، خاصة في قاع المدينة وعمق الريف على السواء، وغاصت أعماله في هموم وجراح وأشواق هذا الواقع، واستطاعت أن تعبر عنها تعبيرا فنيا مكثفا، سواء أكانت في مظاهرها النفسية الفلسفية أم في سياقاتها المجتمعية، أم في التناسج والتداخل بينهما، فأضاء جوانب خافية من الواقع المصري، وكشف عن خصوصية هذا الواقع، كما أعطى لفن السرد خصوصيته المصرية. استطاع يوسف إدريس من خلال فنه القصصي أن يكسر القشور الصلدة لكثير من المحرمات والممنوعات والمحظورات في النفس والمجتمع والضمير، باستنطاق المسكوت عنه، واقتحام اللا مفكّــر فيه، في الدين والسياسة والأخلاق الاجتماعية، برمزياته السياسية الممزوجة بالمحاذير الدينية، وتورياته الاجتماعية لاسيما في الجنس والعلاقة بين الذكر والأنثى، وانتزاع الأقنعة وتجريد العقل من الأوهام، وتمييز الخيوط الدقيقة بين المعقول واللامعقول، ومواجهة المشكلات النوعية بالتعمق فيها وطرحها للجدل، واختراق الآفاق المسدودة بفتح الطريق للحوار حول كل شيء، وهو في كل ذلك يبحث عن شكل قصصي مائز، يلتحم فيه العنصر البنائي بالبعد الوظيفي، وصولا إلى قصة مصرية جدا، وذلك هدف كبير جاهد طويلا في سبيل تحقيقه. (وللحديث بقية) ،،،،،،،،،،،، @ تويتر: خير لي أن أموت واقفًا.. على أن أعيش راكعًا…! شاهد أيضاناضل في الجزائر واتهمه مبارك بتشويه السادات.. 20 معلومة عن يوسف إدريس رفض جائزة نوبل وحبس في عهد عبد الناصر.. «يوسف إدريس» أمير القصة القصيرة ،،،،،،،،،،،، @ فيس بوك: أنت لا تحتاج إلى ثورة لكي تبني الديمقراطية، أنت تحتاج إلى ديمقراطية من أجل نجاح الثورة، كل ثورة يجب أن تكون اجتماعية، وإلا فليست ثورة! (من أوراق أنيس منصور) ،،،،،،،،،،،، @ واتساب: قيل لأعرابية: ما الجرح الذي لا يندمل؟ قالت: حاجة الكريم إلى اللئيم.. ثم يرده. قيل لها: فما الذل؟ قالت : وقوف الشريف بباب الدنيء .. ثم لا يؤذن له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *