ابراهيم الصياد يكتب… ثورة 30 يونية رؤية مختلفة (4)

قبل 30 يونيه بيومين وصلني بيان من القوات المسلحة وطُلب مني اذاعته فورا يمهل حكومة الاخوان والقوى السياسية مهلة قدرها 48 ساعة للاتفاق على كلمة سواء لانقاذ البلاد مما هي مقبلة عليه بعد ان قدم عدد كبير من الوزراء والمحافظين استقالاتهم وأصبحت مصر في وضع لاتحسد عليه !
هنا اقول بيان بهذا الشكل لم يعلم وزير الاعلام عنه شيئا ولا الرئاسة حيث قال لي الوزير بمنتهى السذاجه ان الرئاسة ليس لديها علم بالبيان وبالتالي لا تذيعه قلت له لكن البيان اصبح على الهواء الان . ان هذا الموقف بكل تفاصيله الدقيقة يثبت بما لا يدع مجالا للشك الدليل على ان الاخوان فقدوا السيطرة على مفاصل الدولة وان تدخل الجيش اصبح قاب قوسين أو ادنى في الساعات القادمة وسيكون الى جانب صفوف الجماهير التي خرجت رافضة حكم المرشد الى الشوارع والميادين بكل محافظات مصر .
فيما تركز انصار الاخوان في منطقتين في الشارع القادم من جامعة القاهرة الى تمثال نهضة مصر بالجيزة وفي ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة وقررت ان اتعامل بالعرض الموضوعي لتطورات الاحداث من خلال تقسيم الشاشة بين المناطق المختلفة داخل وخارج القاهرة حيث تم الاتفاق مع قطاع القنوات الاقليمية على امداد قطاع الأخبار على مدار الساعة بصور اي حشود جماهيرية مع أو ضد الاخوان . والحق يقال ان الوزير طلب التوازن لكن الواقع كان يقول ان التيار الرافض للاخوان كان اشد واكثر انتشارا ما يجعل التوازن صعبا! وكان يجب ان يحدد اتحاد الاذاعة والتليفزيون موقفه من الطرفين الشعب ام الاخوان وتم اتخاذ القرار الذي اعتبره من اكثر القرارات الوطنية في تاريخ الاعلام المصري وهو الانحياز للشعب واتفقت مع معاوني المرحومه صفاء حجازي ومصطفى شحاته وحنان منصور وخالد مهنى ورؤساء قناة النيل للأخبار والنيل الدولية وراديو مصر واخبار الاذاعة تقديم تغطية خبرية للاحداث بشكل كامل دون الدخول في اي تحليلات أو توقعات وترك الصورة الحية تتحدث عبر شبكة مراسلين تم نشرهم في جميع الميادين مزودين باجهزة البث المحمولة واجهزة موبيل بها برنامج النقل المباشر وكنت أقصد عدم لفت نظر الاخوان الى نقاط ضعفهم واي خطوة غير محسوبة في هذه اللحظات الحاسمة ستقلب ميزان القوى.
والحمد لله ابتداء من يوم الجمعة 28 يونيه اخذت التطورات منحى جديدا هو سحب السجادة بالكامل من تحت اقدام الاخوان ماذا حدث في الفترة من 28 يونيه الى 3 يوليو 2013؟
28 يونيه 2013 وافق يوم جمعة و نقل صلاة الجمعة مسئولية البرامج الدينية بقطاع التليفزيون إلا اذا كان رئيس الجمهورية حاضر الصلاة يصبح النقل مسئولية قطاع الأخبار ولاحظت انه تم تحريك سيارتين للنقل الخارجي لاذاعة صلاة الجمعة من مسجد رابعة بمدينة نصر حيث توجد حشود ضخمة لانصار جماعة الاخوان وهي التي تحولت الى اعتصام بعد ذلك و كنت أفضل في الاحداث السريعة والخطيرة ان يتم النقل بوسائل خفيفة الحركة مثل اجهزة البث المحمولة المعروفة بإسم تي ڤي يو أو سيارة جيمي جيب التي تحمل اجهزة SNG وهو الاسم المختصر لوحدة جمع الأخبار بالاقمار الصناعية Satellite News Gathering أو حتى باي هاتف نقال ذكي محمل عليه تطبيق النقل الحي حيث من يعمل في الأخبار يهمه بالدرجة الأولى الحصول على الخبر بسرعة بغض النظر عن جودة الصورة .
في هذا اليوم جرى نقل صلاة الجمعة وتولى فريق من الأخبار بعدها التغطية لحشود رابعة وكانت لدينا مصادر اخرى من ميدان التحرير وقصر الاتحادية ومحيط وزارة الدفاع وجامعة القاهرة بالجيزة ومسجد القائد ابراهيم وسيدي جابر بالاسكندرية وكل محافظات مصر تقريبا كانت الاحداث تتطور بسرعة ولم يكن الجمعة 28 يونيه الا بروڤة جنرال لاحداث يوم الاحد 30 يونية ولاحظت ان سيارتي الاذاعة الخارجية لم تعد الى مبنى الاذاعة والتليفزيون عقب انتهاء البث المباشر من ميدان رابعة وطلبت فريق قطاع الأخبار التوجه الى هناك صباح يوم السبت 29 يونيه ولكن جاسوس اخوان الشيطان في ماسبيرو -كما سماه مدير راديو مصر ماهر عبد العزيز – وكما قلت سابقا انه طرد من ماسبيرو ولم يعد فتمركز في رابعة واخذ يتدخل في عمل فريق النقل هناك برئاسة المخرج ايمن الحبال وطلبت الهدوء وضبط النفس حيث ستكون الساعات القادمة في منتهى الخطورة
نعود للتساؤل لماذا لم تعد سيارتا الاذاعة الخارجية الى ماسبيرو ولماذا لم تتحرك احدى السيارتين الى منطقة اخرى .؟
عقد اجتماع في مكتب محسن الشهاوي رئيس قطاع الامن حضرته واسماعيل الششتاوي رئيس الاتحاد السابق وشكري أبو عميرة رئيس الاتحاد الحالي وعمرو الخفيف رئيس قطاع الهندسة الاذاعية الذي طلبنا منه سرعة تحريك احدى سيارتي رابعة الى محيط قصر الاتحادية حيث علمت ان حشودا من الجماهير غير تابعة الاخوان تتوجه الى هناك عشية ال 30 من يونيه لكن رئيس قطاع الهندسة لم يحرك اي من سيارتي رابعة ! وهذه هي محور شهادتي أمام النيابة العامة في قضية الاستيلاء على سيارات البث في رابعة وجاء يوم الاحد الثلاثين من يونيه ماذا حدث ؟؟
الاحد الثلاثون من يونيه عام 2013 يوم كان فيه المصريون على موعد مع القدر لإنقاذ الوطن من المضي في نفق مظلم ستكون عواقبه وخيمه
اذا استمر الاخوان في الحكم لا قدر الله لسنة اخرى.
*سياسة مرتبكة بلا رؤيه داخلية وخارجية ومشروع للنهضة لم يكن سوى كلام مرسل فشل بعد المائة يوم الأولى لحكم مرسي
*واقتصاد اصبح على حافة الافلاس ونقص حاد في السلع والخدمات
* ومجتمع يتنازعه الاستقطاب وتشويه متعمد للتاريخ بشكل تآمري
*وعودة ارهابيي الثمانينات والتسعينات الى الصورة *مصر أصبحت تابعة بعد ان كانت قائدة
*وبات هناك تفكير جدي لبيع مصر وتقسيمها وفق خطة الفوضى الخلاقة *وتراجع فكر الالتئام بين المصريين
وسيطر فكر غريب يقوم على العنصرية والتمييز بين من هو ينتمي للاخوان ومن لا ينتمي لهم ولهذا كان لابد من التغيير في اقرب وقت! الشارع المصري اصبح في حالة مخاض وامهلتهم القوات المسلحة ولم يستجيبوا وسدوا آذانهم عن كل نصح ولم يسمعوا غير صوت مكتب الارشاد !
كانت التعليمات تاتيهم على مدار الساعة من تنظيمهم في لندن ومن يحركونهم في استانبول والدوحة .
ومن دراسة الموقف على النحو المتقدم اتخذ اعلام الشعب قراره بالانحياز الى الجماهير وسقطت خلال ساعات شرعيتهم المزعومة لأن الشعب قد لفظهم ولم يكن هناك طريق آخر لهم غير الرحيل!
كنا نقسم الشاشة لنقل الحدث الكبير على الهواء في كل المحافظات اكثر من 30 مليون مصري قالوا لا للاخوان خرجوا في مظاهرات عارمة فيما تمركز انصار الاخوان في ميدان رابعة وشارع نهضة مصر بالجيزة وتم تصوير جوي بشكل توثيقي لكل المظاهرات في القاهرة والاسكندرية والمحافظات ونقلت شبكة المراسلين تفاصيل الحدث الكبير الذي أصبح ثورة شعبية ايدتها القوات المسلحة.
وكان من المتوقع استمرار المظاهرات خلال الأيام التالية وتركت هاتفي مع السكرتارية الخاصة للتفرغ بهدوء لادارة الموقف وعدم الرد على الاخوان الذين كانوا في وضع لا يحسدون عليه! .
يوم الاثنين 1 يوليو ظهرا اخبرني المخرج ايمن الحبال انه قد تم طرد فريق العمل التابع للقطاع من عربات الاذاعة الخارجية برابعة وهي سيارتان كادتا ان تتعرضا للاتلاف الغريب ان الصورة ظلت تُستقبل في ماسبيرو معنى ذلك ان هناك من استولى على السيارتين ونقلت قناة الجزيرة صورة مباشرة من رابعة وتبين ان فنيين تابعين للاخوان وقناة الجزيرة حصلوا على شفرة البث ولم تعد عرباتنا تابعة لنا !
وجاءت الى هاتفي رسالةنصية يوم الثلاثاء 2 يوليو يطلبوني في اعلام الرئاسة الى اجتماع عاجل يوم الاربعاء الساعة الواحدة ظهرا في قصر القبة طبعا لم ارد عليهم حيث ولم يكن هدف الاجتماع حسب وجهة نظري سوى التخلص مني واكد ذلك ماهر عبد العزيز مدير راديو مصر حيث اخبره احدهم ان حسابهم معي بعد 30 يونيه!
طبعا لم اهتم بالتهديدات ولم اذهب الاجتماع خاصة ان وزير الاعلام حضر الى مكتبه وجمع اوراقه واغراضه وغادر المبنى الى غير رجعه عصر 2 يوليو ويوم الاربعاء 3 يوليو استيقظت مبكرا حيث كنت اقيم في مكتبي ولم اعد لبيتي منذ اكثر من أسبوع وكنت على علم منذ الصباح ان اجتماعا سوف يعقد اليوم ويعقبه بيان مهم .
وكان السؤال هل هو هواء ام مسجل ؟ ومتى سيذاع؟ لم تكن هناك معلومات واضحة حتى تاكدت ان هناك بيانا مسجلا سيذاع في الوقت المناسب وكانت كل لحظة تمر علينا بسنة واي موقف غير محسوب أو خيانة من داخل المبنى أو خارجة ستقلب الموازين حتى دقت الساعة التاسعة مساء موعد نشرة الأخبار ودقت معها كل قلوب المصريين وجاء الشريط وفي سرية تامة تم تسليمة لفني ستديو 11 وقدم الزميل عمرو الشناوي وهو كان مذيع النشرة بيان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وضمت على التليفزيون المصري شبكات الاذاعة وجميع القنوات الفضائية الخاصة وكل قنوات العالم وتمت الاستجابة لنداء جماهير الشعب المصري وسقط حكم الاخوان !
عند هذه اللحظة شعرت بالفخر وانا بين زملائي لاختم مشوار 38 عاما بانتصار مهني ووطني يتوج حياة أي مصري وهب حياته من اجل الوطن .
********
وفي النهاية اشكر كل معاوني والسكرتارية الخاصة ثناء فوزي ومحمد عيسى وافراد مكتبي الذين كانوا بمثابة جنود كتيبة
الشرف والكرامة واشكر كل الادارات المركزية وقناة النيل للأخبار والنيل الدولية والادارات العامة وغرف تحرير الأخبار والمذيعين والمراسلين والفنيين في الاستديوهات وعلى راسهم فدائيو الاخراج والتصوير في كل الخدمات الاخبارية برئاسة المخرج ايمن الحبال وراديو مصر برئاسة الاذاعي القدير ماهر عبد العزيز واخبار الاذاعة والبرامج والتبادل والانباء والاون لاين والخدمات الفنية العلاقات العامةوالشئون المالية والادارية والجراج واخص بالشكر والامتنان نواب رئيس القطاع على راسهم
مصطفى شحاته الذي كنت أقول دائما انه ساعدي الايمن وخالد مهنى و حنان منصور والمرحومة صفاء حجازي وحسن هويدي وسامح رجائي وتغريد حسين وعمرو الشناوي .
واشكر كل واحد باسمه من العاملين في قطاع الأخبار في ثورة 30 يونيه واعتذر لو كنت نسيت احدا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *