ابراهيم الصياد يكتب… الفتوة وحرافيش العالم ( 4 )

التحليل الاستشرافى على المستوى الكلى لمجمل الأزمات العربية الراهنة يميل إلى نظرة غير متفائلة بغرض حلحلتها فى المدى المنظور خاصة أن نظرة واقعية للأحوال العربية – بلا رتوش – توضح أن غياب رؤية موحدة للفعل الجماعى العربى أحد العوامل التى تجعل الصورة ضبابية بشأن الأوضاع المتوقعة فى العام القادم 2019!
ومع ذلك لا نتفق تماماً مع هذه النظرة لأننا ما زلنا نثق فى القدرة على الفعل العربى إذا توافرت إرادة سياسية حقيقية للأشقاء من أجل تغيير الواقع المؤلم فى كثير من أجزاء الوطن العربى فى سوريا واليمن والعراق وليبيا وفلسطين المحتلة، وهو أمر ممكن وليس مستحيلاً، رغم تسليمنا بأن هناك العديد من المخاطر التى ما زالت محدقة بخريطة العالم العربى، وقادمة من الشرق والغرب، وسيظل وفى مقدمتها «التطرف والإرهاب».
إن مواجهة الإرهاب ضرورة لأنه أكبر عامل يؤثر على استقرار الأوضاع العربية، وهذا يتطلب أن تتحول الأقوال والشعارات بشأن محاربة الإرهاب إلى أفعال على الأرض، من خلال تعاون عربى مشترك، الأمر الذى يعنى أهمية أن تستيقظ جامعة الدول العربية من غفوتها وتتحرك على نحو إيجابى وبشكل محدد بحيث يستهدف محاصرة التمدد الإرهابى فى الوطن العربى خاصة فى المناطق التى تعتبر بيئات حاضنة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة، وفى ظل وجود أطراف أو جهات داعمة للإرهاب من بينها دويلة قطر والكيان الصهيونى.
ولا يغيب عن الجميع أن الخطر محدق والجميع فى قارب واحد ولا توجد دولة عربية واحدة بمنأى عن خطر الإرهاب حتى تلك التى تسانده وتدعم أنشطته بل دعونا ننظر إلى الإرهاب برؤية أكثر عمقاً، إن مصدر الإرهاب ليس فقط العناصر والتنظيمات الإرهابية المنتشرة هنا أو هناك إنما يوجد نوع آخر من الإرهاب هو ذلك الذى تمارسه الدول على دول أخرى فى المنطقة، وكنا قد أشرنا إليه أنه نوع من البلطجة يجعل من بعض الدول تقوم بدور القبضايات ويقوم البعض الآخر بدور حرافيش العالم.
ونتساءل أليست سياسة العصا والجزرة نوعاً من الإرهاب تمارسه الدول الغنية على الدول الفقيرة؟ وأليس الترويج للأطماع الإقليمية والتدخل فى الشئون الداخلية للدول نوعاً من الإرهاب؟
كم كنت أنتظر أن تتحرك جامعة الدول العربية سياسياً وإعلامياً لرسم ملامح الصورة كاملة أمام الرأى العام العالمى وفضح أدوار الأطراف غير العربية فى سوريا وتوضيح كيف تستفيد إسرائيل من الإبقاء على سياسة الأمر الواقع فى المنطقة العربية؟ وبيان إبعاد التحرك المباشر وغير المباشر لإيران فى اليمن، وأثر ذلك على مستقبل الأمن القومى العربى.
أليس من الضرورى أن تنتقل الجامعة العربية من حالة رد الفعل إلى حالة الفعل وتقديم البدائل المناسبة ووضعها أمام القادة العرب لاتخاذ مواقف حاسمة فى مواجهة البلطجة الدولية والإرهاب بكل صوره.
ومن غير المقبول أن تعيش المنطقة العربية «أسوأ أيامها» كما يصفها البعض، وفى المقابل نجد صمتاً غير مبرر من الكيان المجمع للقوى العربية المتمثل فى جامعة الدول العربية حتى أصبح العالم العربى واقعاً بين مطرقة الإرهاب وسندان التخاذل!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *