أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… لقد تجمد بنا الزمن يا قدس !!

قال له:  «لقد أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق، ثم استطاع الاثنان بالقوة والخديعة أن يسلبا صاحب الحق الشرعى حقه فيما يملك، وفيما يستحق»… 
واستكمل قائلاً:  وللأسف فإن الولايات المتحدة وضعت ثقلها كله فى غير جانب العدل والقانون فى هده القضية، مجافية بذلك مبادئ الحرية والديمقراطية الأمريكية، ومن المؤسف أن الدافع لذلك هو اعتبارات سياسية محلية لا تتصل بالمبادئ الأمريكية (وسأزيد أنا هنا من عندى كلمة «المعلنة» وغالبيتنا يعرف أن المبادئ الأمريكية المعلنة شىء والأخرى غير المعلنة شىء آخر  هو على النقيض تماماً، وقد كان القائل يعى ذلك جيداً، ولكنها الحكمة فى الخطاب يا سادة)، …. و يستكمل خطابه:  ولا بالمصلحة الأمريكية فى الخارج (وسأزيد أنا هنا من عندى أيضاً عبارة «قصيرة المدى» لأن المصالح الأمريكية طويلة المدى ربما ستواجه من جرّاء أفعال إدارتها بتلك الطريقة أوقاتاً فى غاية الصعوبة مستقبلاً أو «أيام سودا» بحسب تعبيرنا المصرى الدارج ، فهى تملىء خزان الإرهاب بوقود الكراهية  ).
…. ويستكمل: وقد كانت محاولة اكتساب الأصوات اليهودية فى انتخابات الرئاسة هى ذلك الدافع المحلى، ولقد قرأنا لأحد السفراء الأمريكيين السابقين فى المنطقة أن سلفك الرئيس هارى ترومان ألقى بكل قوته، النابعة من منصبه الخطير على رأس الأمة الأمريكية، ضد الحق الواضح فى مستقبل فلسطين، لم يكن له من حجة إزاء الذين لفتوا نظره من المسئولين إلى خطورة موقفه غير قوله: «وهل للعرب أصوات فى انتخابات الرئاسة الأمريكية؟» (وانظروا معى إلى تلك النظرة الأمريكية المحدودة الأفق والتى يسبقها بكل تأكيد عناد وعجرفة وتسلط وتجبر فى الأرض على الخلائق).
…. وفى الختام قال له: «أؤكد لك، بكل صدق يا سيادة الرئيس، أن ما يحكم موقفى ونظرتى إلى (قضية فلسطين) ليس كونى رئيساً للجمهورية العربية المتحدة، وإنما الأصل والأساس هنا هو موقفى ونظرتى كونى وطنياً عربياً من ملايين الوطنيين العرب».
وبهذا فقد تم الخطاب .
وقبل أن أخبركم بمن ارسل هذا الخطاب ومن المرسل له،  سأطلب منكم ألا تندهشوا كثيراً ولا حتى قليلاً، فماذا أفادنا اندهاشنا من قبل!؟ لا شىء جيد يذكر على الإطلاق،  غير أنه أضاف ويضيف لمشاعرنا التى أصبحت أكثر غلياناً وغضباً المزيد من الحسرة والألم والوجع على معظم ما وصلنا إليه من أحوال بكل آسف ، فهذا الخطاب كان قد كتبه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر للرئيس الأمريكى جون كنيدى فى بدايات الستينات، وليس مرسلا الآن لدونالد ترامب فى 2017م بعد قراره الأخرق العنترى بخصوص الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
 فمنذ أكثر من 50 عاماً كتب الزعيم جمال عبدالناصر رحمه الله تلك الكلمات وباقيتها شارحا فيها لأمريكا مدى آثار ما خلّفه «وعد بلفور» بعد الاحتلال الصهيونى لأراضى فلسطين، مخاطباً رئيسها باللغة والطريقة الأصوب، الأمر الذى دفعنى أتسأل : وهل تجمد بنا الزمان من يومها حتى الآن !!!؟؟؟ ولعل السؤال الأهم وماذا فعلنا سوى الشجب والإدانة فى خطابات لا ترقى حتى للغة خطاب الزعيم. 
ولعلى أشارك كافة الجموع العربية وغير العربية مشاعر غضبهم الشديد من هذا القرار الأحمق الجاهل ، ولكننى أتعجب  كثيرا ممن تفاجأ بالقرار الأمريكى ، كما أتعجب أكثر ممن يربط هذا القرار المحرض للعنف بشخص الرئيس ترامب وبشخصيته الغير محنكة سياسيا!. 
وظناً منى بإدراك المزاج العام السائد الآن فلن أطيل عليكم أكثر حتى لا تملوا. وأعلم أنكم ربما ستحاولون إعادة قراءة المقال أو على الأحرى ما ورد بين السطور فى كلمات الرئيس عبدالناصر لأمريكا (وليس للرئيس الأمريكى كنيدى وحده)، وأعتقد أن هذا وحده ربما كان كافيا.
وفى الختام أود أن أقول  أنه بدون موقف عربى شامل سياسياً واقتصادياً وشعبياً من هذا القرار الأمريكى المتطرف الذى أعده بمثابة «دعوة للفوضى» استكمالاً للمخطاطات الغربية فى منطقة الشرق الأوسط وخاصةبعد وشك انتهاء «الربيع العربى»، دون ذلك الموقف الموحد «خلونا هكذا نشجب وندين ونسب ونلعن ونشتم وربما نلطم وجوهنا أيضاً ….. وخلاص دون أى جدوى ». ولمن يلقون باللوم على مصر ( سواء بداوفع حسنة أو خبيثة) أقول لهم بمنتهى الوضوح أن الموقف هنا يجب ألا يكون مصرياً فقط، لأن «ولا دولة منفردة» تستطيع أن تفعل شيئاً.
وسأنهى مقالى اليوم مستعيرة جملة وردت على لسان الفنان القدير عادل إمام فى أحد أعماله الفنية،  قال فيها : «ماذا أقول؟ وأى شىء يقال بعد كل ما قيل؟ وهل قول يقال مثل قول قيل قبل ذلك»؟.
وأما عم التاريخ المنسى للقدس، وكذلك الرد على الأصوات الساذجة بخصوص أن القرار ترامبى شخصى وليس أمريكياً ونابع من ومتوافق مع السياسات العامة للولايات المتحدة  وحلفتها  المدللة ….. ربما سيكون لنا حديث آخر لاحقاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *