أخبار عاجلة

إبراهيم الصياد يكتب… قضية القدس ليست فلسطينية فقط !!

هل نجحت إسرائيل في الترويج الدعائي لسياساتها الاستيطانية التي تهدف الى تهويد القدس بكاملها ؟ وكيف واجه العرب والمسلمون هذه السياسات ؟
بداية لابد أن نعترف ان العرب يتعاملون مع القدس  من منظور قومي  سياسي وانها جزء من القضية الفلسطينية لا أكثر وكأن المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يخص فقط الفلسطنيين وفي المقابل منذ إنشاء الدولة العبرية قبل نحو سبعين عاما والإسرائيليون يتعاملون مع القدس من منظورعقائدي  ديني وتستند جميع الادعاءات والتبريرات المتعلقة بالقدس من وجهة نظر الاسرائيليين الى  خلفية تاريخية وايديولوجية خاصة مع الأجيال الجديدة من اليهود التي لا تعرف غير اسرائيل . 
مما تقدم جعل التفاوض – الأقرب للصراع – بشان مستقبل القدس ينطلق من وجهتي نظر : –
وجهة نظر عربية تعتمد على مقدمات سياسية وقومية ترهن المسألة بالحل الشامل للقضية الفلسطينية 
ووجهة نظر إسرائيلية تعتمد على مقدمات فكرية ودينية تمنح اليهود فرصة التمسك بما يسموه الحقوق التاريخية لهم في المدينة بكل ما فيها من مقدسات إسلامية 
وعليه حرمت القدس من ترويج عربي وإسلامي ضاغط لاكثر من مليار و700 مليون مسلم في كل انحاء العالم  وانتظر العالم الإسلامي ماذا ستسفر عنه الجهود السياسية لحل مسالة القدس في حين نجح الاسرائيليون في تقديم تخريج مختلف للمسألة جعل المتطرفين فكريا امثال ترامب وغيره يدافعون عن وجهة النظر الإسرائيلية . 
وهذا يجعلنا نرى قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس على إعتبار انها العاصمة الموحدة لإسرائيل أنه  ليس جديدا وكلنا يعلم ان اسرائيل والولايات المتحدة في جانب واحد وأن ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بتنفيذ هذا الإجراء في حال نجاحة وكان متوقعا ان يتم ذلك لأن الرجل ينتمي لليمين الامريكي المتطرف المتحيز للدولة العبرية والسؤال ماذا فعلنا نحن العرب للتعاطي مع هذا الاجراء انذاك ؟ لاشيء وعندما وقع ترامب القرار انفعل الجميع وصدرت بيانات الشجب والادانة واندلعت المظاهرات في اماكن عديدة شرقا وغربا ولكن يبقى السؤال  ماذا بعد ؟ 
اتصور أنه آن الآوان لكي تتحرك المؤسسات الدينية الاسلامية تحديدا وعلى راسها الازهر لتبني قضية القدس من منظور غير سياسي وان التحرك المطلوب خلال المرحلة القادمة لا يلقي بالمسئولية فقط على الشعب الفلسطيني الذي يناضل من اجل دولته المستقلة – كاملة الاستقلال – وعاصمتها القدس الشرقية انما يجب ان يبدأ برؤية اسلامية تعم  العالم كله خاصة العالمين العربي والاسلامي 
واعتقد أنه رب ضارة نافعة فقد جاءت فعلة ترامب لكي يستيقظ العرب والمسلمون من سباتهم وكفاهم سلبية وتشرذم لقد تجرأ ترامب على اتخاذ قراره الآحادي الجانب – رغم انه يعلم انه لن يجد تأييدا حتى من اقرب حلفائه – لأنه أدرك أن العرب في حالة من الضعف والهوان ولن يقووا على الفعل اكثر من الاعتراض الحنجوري ويكفيهم الازمات التي تمزقهم ما بين سوريا وليبيا واليمن والارهاب الذي يحاربهم ولا وقت لديهم لتكوين جبهة موحدة تقنع العالم المتحضر بخطورة الطرح الاسرائيلي لمسالة القدس من جهة والتأييد الامريكي غير المحدود لاسرائيل من جهة آخرى  . 
نقول أيضا ورب ضارة نافعة أن جامعة الدول العربية تعود اليها الروح من جديد بعد القرار الامريكي لكي يتأكد لها أن التضامن العربي قد غاب عن المشهد منذ ان تراجع الاهتمام بالقضية العربية المركزية وهي القضية الفلسطينية ومنذ ان نجحت اسرائيل في اشعال الفتنة بين الفصائل الفلسطينية ومن ثم هل يمكننا التنبؤ بإن الطريق ممهد بعد القرار الامريكي لإيقاظ الوعي  العربي من غفوته الذي تناسى ان اسرائيل هي العدو الاول للعرب ومهما تقاطعت السياسات وتناقضت المصالح مع اطراف آخرى . 
إذن لابد ان يتواكب مع احياء ما يمكن تسميته ” الزخم العربي ” خطاب إعلامي يعكس قراءة واعية للتاريخ وفهما متعمقا للجغرافيا ومحللا جيدا للسياسة واعتبارات المصالح وطبيعة العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين  ويتم تكييف وجهة النظر العربية والإسلامية بشان القدس على هذا الأساس .
إن القراءة غير المتأنية للتاريخ وإختلال فهم معادلته مع حقائق الجغرافيا تحرم العرب والمسلمين فرصة بناء دفوع تفند وجهة النظر الاسرائيلية ولا تكتسب  قضية القدس بعدا عالميا !
إن الموقف العربي  الموحد منذ ان كانت القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية يرى أن عاصمة الدولة الفلسطينية يجب ان تكون القدس الشرقية       ( القديمة ) التي يقع المسجد الاقصى داخل حدودها وجميع قرارات الامم المتحدة في هذا الشان تنصب على هذا المفهوم ولا ننساق وراء الزعم بضم القدس الشرقية الى القدس الغربية لتصبح المدينة بكاملها العاصمة الموحدة لإسرائيل . 
و الأخطر تعبير إن  ” القدس عربية  ” الذي شاهدته في بعض وسائل الاعلام العربية وكان يجب ان يكون إن ”  القدس عربية إسلامية ” لان كونها عربية فقط هو  ماتريده إسرائيل ان نتمسك نحن بالطرح السياسي وتتمسك هي  بالطرح العقائدي والديني للمسألة !
فهل الى هذه الدرجة فقدنا قدرتنا على تحليل مخرجات بوصلة التفكير وفقد عقلنا الجمعي صوابه عندما فشل في ربط معاني الكلام ونحذر إن من اخطر عيوب الإعلام في القرن الحادي والعشرين الإنسياق وراء خطاب الغير ناقلا عنه مالا يجب ان ينقل أو بعبارة آخرى اصبح كثير من وسائط الإعلام العربية – ودون ان ندري –  بوقا لدعاية أعداء الامة  ولهذا اطالب الاعلاميين العرب  مراجعة خطابهم وضبط مدلولات تعبيراتهم !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *