أخبار عاجلة

د.إيمان رفعت المحجوب تكتب… “أأنتم بني قرقاص أم بني قينقاع..؟؟!!”

 لا  “دين”  يقر الإنحلال ،  و  لا  “اللادين”     يقر الإنحلال  ،  فللعلم  يدحض اللادينيون  عن فلسفتهم  “اللادينية”  تهمة الإنحلال بأن  الأخلاق لا ترتبط بالدين و ان ليست الأديان  مصدر الأخلاق  مستدلين  على ذلك  بان هناك دينيين لا يتمتعون بمكارم الأخلاق و الفضيلة و هناك لا دينيون و يتمتعون بمكارم الأخلاق و الفضيلة بل بالغ   هؤلاء  و ذهبوا لإعتبار  التصرف الأخلاقي من منطلق ديني بهدف الحصول على ثواب تصرف انتهازي لا يؤسس للفضيلة في ذاتها و لا لمكارم الأخلاق في حدها  و لا يرسخ  لهما في النفوس بقدر ما يرسخ  للبراجماتية  و ان التصرف الأخلاقي  يأتي من النفس السوية   لا  النفس البراجماتية  التي  تفعل الخير ناظرة لثواب او متهيبة  لعقاب  ( و لم يبلغوا   فكرة الإستحياء من الله ) ،  ففي رأيهم  ان  التهذيب الحقيقي للنفس  و الطريق لخلق  النفس السوية الطيبة الخيِّرة  هو ان تقنع بعمل الخير غير مشروطٍ  بثواب  او مخافة عقاب  فدعواهم  ليكن الخير مجرداً للخير نابعاً من النفس  لا غير بدافع  اسماه ايمانويل كانط  ب ” الواجب ” كما اخبرتكم من قبل !! امانيٌّ  أو مثالية قد لا  توجد بين البشر دفعت الناقدين لوصفهم  ”  كمن وضعوا العربة قبل الحصان ” ما علينا من هذا ،  تلك فلسفتهم  و لهم اسبابهم  اتفقنا او اختلفنا  معها  المهم ان هناك عربة  اتفقنا  عليها ،  و لن نختلف ابدا على كنه الفضيلة  و مكارم الأخلاق فكما اعتدت قولاً  فالخير و الشر في الدنيا ليسا نسبيين اذ يظل الخير خيراً مهما بعد الزمان و المكان و يظل الشر شراً . 
في نظري لا يجب ان يمر  ماحدث في ابي قرقاص كسابقيه من الأحداث المشابهة دون الوقوف عنده  ، كما لا يجب اللجوء في حله لحلولنا التقليدية التي نحبها و تستهوينا دون  الحل بالقانون و ملاحقة  المذنبين من الطرفين  و الذين يتسببون  في  وقوع  مثل هذه الاحداث من الأساس  ، كما يجب عمل دراسة  مجتمعية  لبحث المسببات و معالجتها للحيلولة  دون  تكرار هذه المآسي التي الفنا حدوثها من وقت لآخر في مصر المحروسة  فالوقاية خير من العلاج  ،  اسئلة  كثيرة و استفسارات   تطرح نفسها  و  الإجابة عليها تتطلب  بعض المصارحات القاسية  ،  نعود لنبحث في  قصتنا تلك  ، ممن و لمن و لماذا اراد ان يقتص هؤلاء ؟؟ ممن خبث عمله لمن خبث عملها في عرف الجموع   ؟ فإذا  كانا بالفعل فعلا هذه الفعلة  و لم تكن فرية مفتراه عليهما ، إذاً  فلقد  كان اختيارها غير مجبرة  ، أو الأصوب انه  كان اختيارهما غير مجبرين  و يستويان فيما عليهما  ، فما على احدهما هو تماما ما على الآخر دونما  فرق  اثنان رشيدان  و يتحملا وحدهما “دون غيرهما” تبعات ما فعلا  بالتساوي  .   
 لو اننا امام حالة اغتصاب رجل مسيحي لمرأة مسلمة بغير رضاها عامداً متعمداً قاصداً ايذائها  لأنها مسلمة  لقلنا تلك  حادثة  اغتصاب   تستهدف المسلمين  و العكسُ  صحيح   ،  و لَكُنَّا جميعا طالبنا  الدولة بالقصاص  من الفاعل في الحالتين  ؛ اقصد  سواء أكان مسلماً اغتصب مسيحية مستهدفاً بفعلته المسيحيين او مسيحياً اغتصب مسلمةً مستهدفاً بفعلته المسلمين ؛ و لطالبناها بالقصاص من ايٍ منهما في ذلك مرتين  ؛  “بالقانون” طبعاً  ؛  مرة دفاعاً عن عرض امرأة انتهك و اغتصبت و مرة دفاعاً عن  عرض دولة ايضاً انتهك و اغتصبت  بطائفية بغيضة إستهدفت  فيها  طائفة من المجتمع الطائفة الأخرى  ،  و لكن  ليس هكذا القصة المروية ،  لم يقل احدٌ انها واقعة اغتصاب من الأساس فعن اي عرضٍ كانوا يدافعون كل هؤلاء !! و اين العرض  و هم  يعرون امرأة عجوز ضعيفة بلا اي نخوة  و بغير جريرة  ارتكبتها  مُتجبرين عليها  مستضعفين  اهلها   ! و لمَ  ؟؟  قصاصا لإمرأة  رشيد تزعمون انها تعرت بملكها !! و هل هكذا سترتموها ! 
 تتلخص مشكلتهم مع  فتاتهم   في ان صاحبنا المزعوم  مسيحي  !  و لو كان  مسلماً ما  كان هناك من غضاضة و كان الله حليم ستار ؟!   مشكلتكم  مع المسيحيين اذاً !   لو انها فعلت مع مسلم  لتركتموه ؟  أهذه غيرة على العرض او حرمات ام على ماذا ؟! لا اراها غيرة على عرض و لا على حرمات لأنها لو كانت ما صنعت ملة من كانت معه ايما فرق في ردود افعالكم  !  و لكان سواءً  في  كل الأحوال  !  اذاً انتم  تحكمكم  جاهليةٌ من البغضاء و الكراهية  اكثر مما تحكمكم الغيرة على عرضٍ او فضيلة  ، ما الفرق بين هذه المرأة و صاحبها فأستحق في عرفكم العقاب و اهله دونها هي و اهلها و دون من سواه  و فعل فعلته من ملتكم ؟    
ما افهم  هو اننا امام أناس مرضى توغر صدورهم  الكراهية  و الضغينة  و ليس الموضوع  موضوع  فضيلة  او عرض يتحينون  الفرصة اي فرصة كي ينالوا ممن  مُلِّئت صدورُهم حقداً عليهم و بغضاً  في غيبة تامة من اي فكرة من ان سينالهم العقاب  فقد افهموهم ان : ” ليس لأعدائكم في قريتكم الظالمة  من  دية” !!
لعمري انكم يحق عليكم ما حق على  بني قينقاع ! 
 يا بني قرقاص  فعلتكم  تماماً  كفعلة  يهود بني قينقاع  بالأنصارية   ذهبت  تبتاع منهم  ففعلوا ما فعلوا  نكايةً و غلاً ! تحرش بها البائع تشفياً و استضعافاً  و  كشف عورتها و هتك عرضها  !  و تجمهرت عليها  الجموع في سوق اليهود بمنتهى  الخسة و الحقارة  ليتحرشوا بها  متواطئين  مع  صاحبهم  في غيبة من اهلها  إذلالاًً  و استهزاءً  و كرهاً و طائفية   بغيضة  ،   اليهود الذين من عاداتهم  ان   يستروا نساءهم من امهات  رؤوسهن  حتى اخامص اقدامهن  يقومون  بتعرية امرأة من الأنصار  يزفونها في الشوارع  !!  اليهود بعد ان قطعوا على انفسهم عهداً  مع النبي  يعودون فيه !   كانت  السنة الثانية من الهجرة  ،  ينتصر المسلمون  في بدر و هم قلة  ! اوغر الحقد و الغيظ  قلوب يهود  فمشوا يقولون   : ”  لا قبل للمسلمين  بقتالنا  فنحن  لسنا قريشاً ” و كانوا قد  تعهَّدوا للنبي  في بداية الهجرة ان يتعايشوا مع المسلمين  و تعاهدوا معهم على تبادل حفظ الحقوق و الواجبات  و الحماية  و إعتبِرهم المسلمون  و اعتبروا انفسهم  جزءاً من مجتمع واحد يعاملون  و يتعاملون مع بعضهم البعض  فأمنوا الناس على حياتهم و اموالهم و اعراضهم  كحال كل المجتمعات المتعايشة  ، ثم حنثوا و خانوا !! و ما  فعلوا ما فعلوا الا ظناً منهم انهم الاشد بأساً و  ان لن ينتفض  المسلمون لشأن إمرأة  و هم المستضعفون ! و ظنوا ان سيقف المسلمون مخذولين مقهورين و لن يثأروا فهم لن يقدموا على  حربهم بعدما اشاعوا عن انفسهم من قوةٍ و بأس  ظنوا ان  سيؤثر المسلمون السلامة  و بذلك تكسر اعينهم  و تذل اعناق الرجال  ! استنصرت المرأة رجلاً مسلماً ماراً  بالسوق  فأسرع لنجدتها  محاولا  إنقاذها من ايديهم  ،  تشاجرا هو و اليهودي و ضرب المسلم اليهودي  فقضى  عليه  !  تجمهر  اليهود  على المسلم  و قتلوه  ! بلغ  القوم  الخبر  فهبوا جميعاً دفاعاً عن كرامة  “المرأة”   و دم من راح فداءً لكرامتها ، حاصروا بني قينقاع  خمسة عشر يوماً    و انقذت  المرأة  . 
و كان مع بني قينقاع ما كان …
من اكثر من ١٤٠٠ سنة قامت الدنيا و لم تقعد دفاعاً عن كرامة امرأة تعرت ! فعلوا ذلك حرصاً على هيبة الدولة  كان امامهم إما ان تتصف دولتهم بالضعف و الخذلان  في صورة  إمرأة  ينتهك  عرضها عمداً على  رؤوس الأشهاد بقصد  إذلالها و اذلالهم  فلا يقومون  و لا يتحركون  اخذاً لحقها !! و   تكون النتيجة  تضيع هيبتهم  و يعيشون اذلاء مطأطئي الرؤوس !  أو يكون ما كان  يثورون لكرامتهم  الممثلة  في  كرامة إمرأة معتدى عليها  و يهبون دفاعاً عنها ،  فيحفظون  كرامتها و يحفظون كرامتهم و كيان دولتهم  و هيبتها  ، درسٌ في  مسؤولية الدول في حماية  حقوق  الأفراد  و كرامتهم  بوجه عام  و حماية  حق المرأة  و كرامتها  بوجه  خاص  كجزء اساس من هيبة الدولة و كرامتها و كرامة المجتمع  !! 
 هكذا  كان  التعامل المسؤول مع من يتعدي حدوده و يتعدي  حدود الدولة  بأي صورة كانت …
و مصر العريقة  ذات السبع آلاف سنة حضارة   ، مصر الرائدة التي علمت الدنيا  وضع القوانين  ، مصر التي سبقت بقوانينها العالم و التي اخذ عنها القانون الفرنسي بعد مواده  لا ينبغي  ابداً ان تتردد في استدعاء هذه القوانين وقت اللزوم  كما لا ينبغي ابداً ان تتهاون في عقاب  من يتعدى على حرمتها و حرمة قوانينها  و يعتدى على مواطنيها  هو  و من حرض و ملأ الصدور غلاً و كرهاً و طائفية    … 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *